الحب العذري
هو أحد موضوعات أو أغراض الشعر التي نظم فيها الشعراء فيما يعرف بالشعر العذري، وهو لون من ألوان الشعر الذي يعبر عن المشاعر ذات الطابع العفيف والطاهر، ويصف الشاعر من خلاله لوعته في الحب، وآلامه جراء فراق محبوبته، وعواطفه الجياشة تجاهها بدون فحش التصوير، أو الحديث عن محاسنها الجسدية وصفاتها المحسوسة، وقد سمي هذا الشعر بالعذري نسبة لقبيلة حملت اسم "عذرة" كانت موجودة في الجاهلية، واشتهر أبناؤها برقة مشاعرهم وكثرة العشاق منهم، والذين تميزوا بالصدق في عواطفهم، حتى أنه قد قيل بأنهم كانوا يموتون حبا.
خصائص الشعر العذري
للشعر العذري مميزات تجعله يختلف عن غيره من أنواع الشعر الأخرى، وتتلخص فيما يلي:
- انعكاس الأخلاق على الشعر، والعفاف في الحديث عن الحب وتضمينه معان رقيقة وبعيدة عن الفحش والبذاءة.
- اللين والرقة والبعد عن القسوة في التصوير والكلمات.
- الإخلاص لفتاة واحدة واتخاذها محبوبة وعدم التوجه لغيرها من النساء في وقت واحد.
- مرور الشاعر في درجات العشق المختلفة والعذاب، من الحب إلى الهيام إلى الجنون، ثم في حالات معينة إلى الموت.
شعراء الحب العذري
يعتبر قيس بن الملوح من أشهر شعراء هذا النوع من الشعر، والذي اشتهر باسم مجنون ليلى نسبة لحبيبته ليلى العامرية، وكثير عزة، بالإضافة إلى جميل بن معمر والذي اشتهر باسم جميل بثينة، وقيس بن ذريح وغيرهم كثير.
أمثلة على الشعر العذري
هنا سيتم إيراد بعض من الأمثلة على أبيات شعرية قيلت في هذا النوع من الشعر:
- قيس بن الملوح في ليلى:
أما عاهدتني يا قلب أني
إذا ما تبت عن ليلى تتوب
فها أنا تائب عن حب ليلى
فمالك كلما ذكرت تذوب
- جميل في بثينة:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد ما كنا نطاقا وفي المهد
فزاد كما زدنا فأصبح ناميا
وليس إذا متنا بمنتقض العهد
- عنترة العبسي في حب ابنة عمه عبلة:
ولولاها فتاة في الخيام مقيمة
لما اخترت قرب الدار يوما على البعد
مهفهفة والسحر في لحظاتها
إذا كلمت ميتا يقوم من اللحد
يجدر بالذكر أن فترة الجاهلية هي بداية الشعر العذري، وقد اتصفت تلك الفترة الزمنية بالغنى الذي ساد القبائل، ولما جاء الإسلام هذب نفوس الناس وزرع التقوى في قلوبهم الأمر الذي أدى إلى الاختفاء النسبي لهذا النوع من الشعر، وقد بلغ الشعر العذري أوج تميزه وإبداعه في ظل العصر الأموي نظرا لانتشار حياة الثراء والترف والبذخ في ذاك الزمان.