اللغة العربية
اللغة العربية لغة القرآن الكريم، التي حفظت بحفظه لها، لغة جمال المنطق، وروعة الأسلوب، ولغة البلاغة، وفنون الكلام المختلفة، نسقها العجيب، وروعة كلماتها، لا نجده في أيّ لغة أخرى، لغة المرونة في اكتساب مفردات العصر، فهي لغة متجدّدة وعريقة في ذات الوقت، متجددة باستيعابها مصطلحات العصر، وعريقة بارتباط جذورها في أعماق التاريخ، وثمة عوامل مهمّة، في ضعف اللغة العربية، وأخرى تسهم في نهوضها.
عوامل ضعف اللسان العربي
إنّ للغزو الاستعماري لبلادنا، الأثر السيئ في ضعف اللغة، في بعض الأقطار العربيّة، حيث حوربت اللغة العربية في البلاد العربية الواقعة تحت نير الاستعمار الأجنبيّ سنين طويلة، وفرضت لغة البلد المستعمر، ممّا أدى إلى دخول مصطلحات غريبة على اللغة العربيّة، هي في الأصل كلمات وعبارات ومصطلحات لهذا البلد المستعمر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أدّى ذلك أيضاً إلى ضعف اللسان العربي، وشيوع الألفاظ العامية بدلاً من الألفاظ الفصيحة، ولا ننسى انصراف قسم لا بأس به من أبناء الأمة عن العلم؛ ركوضاً خلف المادة، فهذه أيضاً لها أثر نسبيّ في ضعف اللسان العربي، وكذلك انصراف النّاس عن المطالعة والكتابة إلى مشاغل الحياة، ومتعلّقاتها المختلفة على حساب الاهتمام بالكتاب كقيمة، وعادة حضاريّة سليمة، تعبّر عن وعي صاحبها.
عوامل تسهم في نهوض اللغة العربية
رغم هذه الصورة الضبابيّة التي رسمتها، إلا أنّ هناك عباقرة، في مجال الأدب والفكر معاً، قد أخذوا على عاتقهم الارتقاء باللغة العربية، أدباً، وبحثاً، وكتابة، وقد خلد التاريخ ذكرهم، فمن ابن القيم إلى عباس محمود العقاد، إلى طه حسين، وسيّد قطب وغيرهم من العلماء والمفكّرين قديماً وحديثاً، الذين سدّوا فراغاً عظيماً، في خدمة اللغة العربية، والنص العربي.
من العوامل التي تسهم في نهوض اللغة العربيّة: رفع شان الكتاب، ونشر عادة المطالعة، وثقافة البحث، والتبحّر في متون الكتب، قديمة كانت أم حديثة، فكثرة المطالعة تسهم في رفع شان اللغة، وكذلك تشجيع الكتابة، والبحث العلمي، فهذا يسهم في تشجيع النّاس على المطالعة، والبحث، فيرفع من شأن اللغة العربية، ثم إنّ اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، والقرآن الكريم كان له الدور الأبرز في حفظها، ويبني على ذلك أن مدخل الارتقاء باللغة العربية إنّما يكون من قراءة القرآن الكريم وتدبّر معانيه، وجمال أسلوبه.
تبقى اللغة العربية، البحر الذي لا تنتهي صدفه، ولا تنعدم خيراته، فأينما أبحرتَ وجدت مايسرّك، وتعانقت الهمم في امتطاء خيول الكلمات، وإرسال أسنة الحروف، فتسمع أزيز الجمل معلنة نبض اللغة على الألسن وفي منابر أسواقها المتجددة، دواويناً، وقصصاً، وروايات، تأليفاً وبحثاً، كلها مروج خضر، وزهور في أرض اللغة الواسعة، وميدانها الفسيح.