خلق الله تعالى الناس وبعث إليهم الرُسل والأنبياء ليهدوا هؤلاء الناس إلى الصراط المُستقيم، منهم من يهتدي إلى دين الحق ومنهم من يعترض وينكر هذا الدين، وجعل الله تعالى لكُل إنسانء جزاء له، إمّا أن يكون في الجنة أو أن يكون في النار.
خلق الله تعالى النّار وجعلها جزاءً للكافرين الذين عصوا الله تعالى، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)، وخلق الجنة مُكافأة لهؤلاء المُسلمين الذي أطاعوا الله تعالى وأطاعوا أوامره، أدعو الله أن نكون من أهل الجنة.
الجنّة
قال تعالى: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُتكَ الْجَنَّةَ"، فالجنة هي دار الخُلد للمؤمنين أي من آمن بالله تعالى بعد يوم البعث وبعد الحِساب، ويوجد للدخول إلى الجنّة طريق واحد وطويل، ولا يوجد بها بأس ولا مشقة ولا تعب، ولا أحزان ولا بُكاء، يأمرنا الله بأن لا ننغرّ بنعيم الدُنيا لأنها فانية والعمل لنعيم الجنة لأنها باقية.
وصف الله تعالى الجنّة بأنّها شيء لم يخطر أبداً على عقل بشر، وأن نعيم الدُنيا قطرة من بحر نعيم الجنة، بقوله: "فيها مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت ولَا خطر على قلب بشر"، فالجنّة عبارة عن مُكافأة يُكافئها الله تعالى لعباده الصالحين، حيث قال تعالى: "فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"، وهي محاطة بثمانية أبواب مقسمة لمئة درجة.
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين الأرض والسماء والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش"، وكما وصف بناءها الرسول صلى الله عله وسلم: "لبنة من فضة ولبنة من ذهب وبلاطها المسك الأذفر وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من دخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم"، وأيضاً يوجد في الجنة أنهار عدة: نهر من اللبن، ونهر الكوثر (المسك)، ونهر من الماء، ونهر من الخمر، وهذا الخمر ليس مثل الخمر الذي يوجد في الدُنيا، ونهر من العسل.
كما قال الله تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِن مَاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ"، وطعامهم يكون (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ، وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ).
كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بيوت المسلمين في الجنة بقوله: "في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن"، وأيضاً قال الله تعالى: "إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى*وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى"، ولكنّ الله لم يذكر لنا كُل نعيمها زيادة للتشويق والرغبة في دخول الجنة، وأكبر نعيم في الجنة هو رؤية الله تعالى.
للجنّة ثمانية أبواب: باب للتوبة، وباب للصلاة، وباب للزكاة، وباب للصدقة، وباب للحج والعُمرة وباب للصلة، وباب للجهاد، ومن أشجار الجنّة: شجرة طوبى، وسدرة المُنتهى، قال تعالى: "وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً، قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون".
النار
قال الله تعالى: "وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ"، فالنار هي مكان الكافرين بعد يوم البعث وحساب الآخرة، وما يتلقون فيها من عذاب أعده الله لهم بسبب كفرهم وعِنادهم، توجد للنار طُرق كثيرة ومُختصرة، من كُل 1000 يدخلها 999، قال تعالى: "وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"، لقد حذرنا الله تعالى من عذاب جهنم وأمرنا بعمل الصالحات كي لا يؤتينا بالعذاب في قوله تعالى: "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ"، أي أن أجساد الكافرين هي وقود النار، وأنه كُلما نضجت جلودهم أبدلها الله جلوداً غيرها.
يكون طعام أهل جهنم من الغسلين والضريع (الزقوم) والحميم، ويلبسون من النار والقطران والحديد (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ)، وتوجد للنار سبعة أبواب هي: جهنّم، ولُظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية، ويكون لون النار أسود والناس فيها لونهم أسود, وكل شيء فيها أسود لقوله تعالى: "يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ".
يقول الله تعالى : "فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ"، أي لا تنفروا من حر الدنيا، ففي جهنم حر شديد، ولأهل النار أربعة أنواع من الطعام وهي: الحميم، والغساق، والصديد، والماء كالمهل، فيجب أن ندعوا الله أن يُبعدنا عن النار وأن لا نكون من أهلها.