شرع الله سبحانه و تعالى القتال و هو يعلم سبحانه أنّه تأباه النّفوس و تكره ، و لكنّ الإسلام شرع القتال لغايةٍ و هدفٍ سامٍ ، فسمّي القتال في الإسلام جهاداً في سبيل الله تعالى ، فالمسلم حين يخرج للجهاد يضع في نيّته أنّ عمله هذا هو في سبيل الله و لأجل إعلاء راية الدّين ، و قد بيّن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذلك حين سأله الصّحابه حين يقاتل المرء حميةً أو شجاعةً ، أيّهما في سبيل الله ، قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ، فالجهاد في ديننا له غايةٌ و هدفٌ و نابعٌ من نيّةٍ طيبةٍ نبيلةٍ و محكومٌ بضوابطٍ شرعيةٍ ، فقد نهى ديننا عن التّمثيل في جثث الأعداء أو الغدر و الخيانة فمن أعطى قوماً عهداً وجب أن يفي به فلا يغدر ، و كذلك الذّمي و من في حكمه ممّن أعطي الأمان فلا يقتل ، و قد نهى ديننا أيضاً عن قتل الشّيخ و العابد في صومعته و المرأة التي لا تقاتل و الطّفل الصّغير ، و كلّها من جملة ضوابطٍ تحكم فريضة الجهاد لتبقى ناصعةً نقيةً بعيدةً عن هجوم المتطاولين و تصيّد المنافقين و الكافرين . فالجهاد قد يكون فرض كفايةٍ ، إذا قام به عددٌ من المؤمنين سقط عن الباقين و هذا في أحوال السّلم و الأمان ، و قد يكون فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ إذا احتل الكافر جزءاً من أرض المسلمين ، فيتوجّب على الجميع قتاله لتحرير أرض المسلمين .
و هناك شروطٌ للجهاد منها أن يكون المجاهد مسلماً فلا يجوز للمسلمين الاستعانة بكافرٍ أو مشركٍ ، و كذلك ينبغي أن يكون المجاهد عاقلاً بالغاً ، فلا يصح إشراك المجنون الذي لا يعقل في تصرفاته و ربما قتل مسلماً بالخطأ ، و كذلك البلوغ فقد ثبت أنّ رسول الله ردّ عدداً من الصّحابة يوم أحدٍ لصغر سنّهم ، و تشترط الذّكورة في الجهاد ، فالمرأة غير مكلّفة بالجهاد كما ورد عن النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام فجهادها الحجّ و العمرة و تكتفي بتمريض المجاهدين و تطبيبهم ، و كذلك هناك شرط توفّر المؤونة في الجهاد و عدم العجز فلا يجوز للعاجز و المعاق الجهاد لعدم الاستطاعة .
فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة مع البرّ و الفاجر ، و تبقى الأمة في عزّة ما مادامت متمسّكة به فإذا انشغلت عنه بالتّجارة و الملاهي المختلفة سلّط الله على الأمة عذاباً لا يرفعه حتى تعود لدينها .