الزكاة
الزكاة هي فرض من فروض الإسلام العظيم، فرضه الله تعالى على المسلمين المقتدرين، حيث حدّد الشارع الحكيم شرط الاقتدار ببلوغ المال المملوك للنصاب، وفي الشريعة الإسلامية لكلّ نوع من أنواع المال طريقة معيّنة لتزكيته ومقدار النصاب يختلف بحسب نوع المال المملوك، إلا أنّ الشائع في عصرنا الحالي هو المال النقديّ، ونصاب هذا المال هو أن يمتلك الإنسان قيمة خمسة وثمانين غراماً من الذهب، أو أن يمتلك قيمة خمسمئة وخمسة وتسعين غراماً من الفضة، ومن شروط وجوب الزكاة أيضاً أن يكون المال ملكاً للمزكّي، وأن يمرّ عليه عام كامل، فإذا انطبقت هذه الشروط على المال وجبت عليه الزكاة ومقدارها اثنان ونصف بالمئة من قيمة المبلغ، وهذا هو مفهوم وتعريف ومعنى الزكاة بشكل عام.
مستحقو الزكاة
حدّد لنا القرآن الكريم الجهات التي تستحق أن تأخذ أموال الزكاة، وهي فئات شاملة لكلّ حالات المجتمع على اختلافها، ففي قول الله تعالى: "إنَّما الصدقاتُ للفقراء والمساكينِ والعاملينَ عليها والمؤلفةِ قلوبُهم وفي الرقاب والغارمينَ وفي سبيلِ الله وابن السبيلِ فَريضةً من الله والله عليمٌ حكيمٌ" (التوبة:60) نجد أن أموال الزكاة تسدّد لـِ:
- الفقراء: والفقراء هم جماعة الناس الذين لا يمتلكون المال، وهم من أكثر الأشخاص الذين يستحقون الزكاة نظراً لصعوبة أحوالهم، ونظراً أيضاً لما قد يتسبّب به الفقر لهم وللمجتمع من مشاكل وعيوب عديدة.
- المساكين: هم من يملكون المال ولكنه لا يسدّ احتياجاتهم والتزاماتهم.
- العاملون عليها: هم من يقومون على أعمال الزكاة، فيجمعونها من الأغنياء، ويوزّعونها على المستحقين.
- المؤلّفة قلوبهم: هم من تقدّم إليهم الأموال لتأليف قلوبهم على الإسلام.
- في الرقاب: هي الأموال التي تعطي من أجل إعتاق المستعبدين من الناس، وهذا المصرف في يومنا هذا غير موجود نظراً إلى تلاشي نظام الاستعباد من الأرض.
- الغارمون: هم من عليهم ديون، أو من ضمنوا ديوناً معيّنة، أو من كان عليه كفارة لذنب معيّن أذنبه.
- في سبيل الله: دفع الأموال لغاية الجهاد.
- ابن السبيل: هو من سافر إلى بلد آخر ولم يكن معه ما يكفيه من المال ليعود إلى موطنه.
يجدر الإشارة إلى أنّ هناك أقوالاً أخرى في تفسير بعض الفئات قد تكون أكثر منطقيّة ممّا سبق، إلا أنّ ما سبق توضيحه هو السائد وهو المتعارف عليه في العالم الإسلاميّ، وبالتالي هو المعمول به، وهذا لا يمنع الجهات المعنيّة من دراسة التفسيرات الجديدة، بل من الضروريّ أن تقوم بهذا الأمر حتىّ تضم فئات أخرى مستحقّة إلى منظومة الزكاة العظيمة.
طريقة تسديد الزكاة
يمكن للإنسان المسلم أن يقوم بتسديد الزكاة بطرق ووسائل عديدة منها تسديد الزكاة بنفسه للفئات المستحقّة، وفي هذا السياق يمكن أن تُسدّد قيمة الزكاة نقداً؛ كإعطاء المستحقين مبلغاً معيّناً من المال، أو عيّناً كتقديم بعض المواد التي ينتفع من تستحق الزكاة عليه منها، ومن هنا فإنّه يجدر الإشارة إلى أنّه لا يجب تقديم الموادّ التي لا يحتاج الفقير إليها، فالفقير معروفة حاجيَّاته، وهي تتمحوّر حول الأغذية الأساسيّة التي يتناولها باستمرار، إلى جانب بعض الموادّ الأخرى التي يحتاج إليها لمقاومة الظروف الصعبة التي قد تجابهه وعياله في الحياة، كما يجب الانتباه إلى ضرورة توخّي الحذر من دفع الزكاة نقداً إلى الأشخاص الذين عرف عنهم إهدار الأموال، كالمدخنين، أو مدمني الكحوليّات، أو المخدرات، أو المقامرين، وغيرهم، لأنّ هؤلاء الأشخاص لن ينفقوا الأموال على عيالهم بل سيهدرونها في هذه الأنشطة السيّئة، من هنا كانت المواد العينيّة احسن وأفضل في مثل هذه الحالات.
طريقة أخرى لسداد قيمة الزكاة وهي في دفعها إلى الجهات المسؤولة عن توزيع الزكاة، كصناديق الزكاة في الدول المختلفة، أو المؤسسات المعنيّة بهذا الأمر، وفي هذا السياق يجدر الإشارة إلى ضرورة الانتباه إلى الجهات التي يتمّ دفع الزكاة إليها، فالزكاة ليست عبئاً ليلقى عن الإنسان، بل هي حياة مجتمع كامل، لهذا فإنّه يجدر بالمسلم الاستفسار والتقصّي عن الجهات التي تجمع أموال الزكاة من هنا ومن هناك قبل التورّط بدفع المبالغ خاصّة الضخمة منها إليها، وفي زمننا هذا أيضاً يجب الحذر من بعض الجهات غير الموثوقة التي تتستّر بغطاء الأعمال الخيريةّ لتمرير أجنداتها الخاصّة، أو أجندات بعض الجهات التي تريد إلحاق الضرر في المجتمعات العربيّة والإسلاميّة.