فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين فريضة الزّكاة تطهيراً لأموالهم، وهي لغةً تعني الزّيادة والنّماء، وإنّ من بين أنواع الزّكاة التي فرضت على المسلمين زكاة الفطر، وتختلف عن زكاة المال بأنّها تطهيرٌ لنفس الصّائم من اللّغو والرّفث، ذلك بأنّ الصّائم وبعد أن يقضي شهر رمضان المبارك بالطّاعة والعمل الصّالح قد يصدر منه ذنب بسيطٌ أو قولٌ فاحش في لحظة غضب، فتأتي زكاة الفطر لتطهّر نفسه من ذلك كلّه، حتى يخرج من شهر رمضان المبارك خالياً نقيّاً من الذّنوب، وإنّ المسلم حين يدرك حكمة التّشريع حين فرض عدداً من الفرائض تراه يقبل على الإلتزام بها بكلّ حبٍّ وقناعة، وإنّ الحكمة من زكاة الفطر كما بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم تطهير نفس الصّائم من الرّفث، وهي في نفس الوقت طعمة للفقراء والمساكين في يوم عيد الفطر الذي هو يوم فرحةٍ لجميع المسلمين، حيث لا يتصّور أن يترك فقيرٌ في هذا اليوم يتضوّر من الجوع وباقي المسلمين يتنعمون ويأكلون ويشربون، فالغاية من هذه الزّكاة مساواة الفقير بالغني في الاستمتاع في هذا اليوم، وقد قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم ، أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم، فعلى المسلم الحريص على التزام أمر الله تعالى أن يخرج زكاة الفطر في وقتها وقبل صلاة العيد لأنّها إذا تأخّرت عن ذلك الوقت كانت صدقةً كغيرها من الصّدقات، كما يخرج المسلم الزّكاة عن نفسه وعمّن يعول، وكذلك تستحب أن تخرج عن الجنين الذي تجاوز عمره أربعين يوماً في بطن أمه، ويبقى السّؤال الأهم الذي يستفسر عنه الكثيرون وهو كيفيّة إخراج زكاة الفطر؟ .
بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم طريقة إخراج زكاة الفطر حين قال أنّها صاع من تمر أو صاع من شعير، وكذلك قد تكون صاع من أرز أو زبيب، ويساوي الصّاع ثلاثة كيلوغرامات من الطّعام، وقد أجاز عددٌ من العلماء إخراج زكاة الفطر نقداً، وكان العلماء في هذه المسألة مذاهب، فرأى الشّافعية والحنابلة والمالكية بأنّها تخرج على شكل طعام ولا يجوز إخراجها نقداً، بينما رأى الحنفية ووافقهم جماعةٌ من الشّافعية ورواية عن الإمام أحمد واعتمد هذا الرّأي شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يجوز إخراجها نقداً، بينما رأى آخرون أنّها تدفع نقداً عند الحاجة والضّرورة، وعموماً تبقى زكاة الفطر من الفرائض التي شرعت لتهذيب النّفس بغض النّظر عن الكيفيّة التي تخرج بها تلك الزّكاة.