تعرّف الشّخصيّة بأنّها مجموعة الصّفات و الميول و الغرائز الأصيلة و المكتسبة التي تميّز كلّ إنسانٍ عن غيره ، فكلّ إنسانٍ له أسلوبه في الحياة في اتخاذ قراراته و طريقة تعامله مع النّاس ، فقد تعرض المعضلة على أشخاصٍ كثر و يكون لكلّ واحدٍ منهم طريقةً في الحلّ أو أسلوباً مختلفاً عن الآخر و هذا ما يطلق عليه بالشّخصيّة التي تتكوّن من أمورٍ متوارثةٍ أو فطريّةٍ و أمورٍ مكتسبةٍ يكتسبها الإنسان من بيئته و محيطه الخارجي ، و هناك أمورٌ ثابتةٌ في كلّ نفسٍ بشريّةٍ ، فحبّ الشّهوات من النّساء و البنين و المال مزروعةٌ في نفس كلّ إنسانٍ و مكوّن أساسيّ لشخصيته ، و كذلك فإنّ الإنسان مفطورٌ على صفاتٍ معيّنةٍ و على اتباع أنماط سلوكٍ معيّنٍ ، فقد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ هناك أمورٌ هي ممّا يفطر عليه الإنسان فمنها أنّه مفطورٌ على توحيد الله سبحانه و تعالى ، ففي الحديث ( كلّ مولودٍ يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو يمجّسانه أو ينصّرانه ) .
و ما نحن بصدد التّكلم عنه هو الأمور المكتسبة التي تميّز كلّ شخصيّةٍ عن الأخرى أو الأمور التي تسهم في تطوير شخصيّة الإنسان و أوّلها الاجتماع مع النّاس و مخالطتهم في مجالسهم و نواديهم ، فالإنسان منذ القدم تمكّن من اختراع لغة الكلام و التّخاطب من خلال التّحدث مع الغير ، و لا يخفى فائدة الاختلاط مع النّاس في التّعلم و تحصيل الفائدة بل و الظّفر بالحكمة و هي ضالّة المؤمن أبدا و هو أحقّ النّاس بها لسلامة عقيدته و نهجه ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ المؤمن الذي يخالط النّاس و يصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالط النّاس ، فالصّبر عل الأذى و تحمّلها يخلق في نفس المؤمن قوةً عجيبةً يتمكّن من خلالها من تجاوز العقبات و الثّبات في الابتلاءات و المحن على الطّريق المستقيم .
و من الأمور التي تطوّر الشّخصيّة طلب العلم ، فالإنسان الذي يتعلّم باستمرار و يضيف إلى مخزونه الفكريّ و الثّقافي معلوماتٍ جديدةٍ يوسّع مدراك عقله ويجدّدها ، لذلك رفع الله العلماء درجاتٍ ، قال تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات ) صدق الله العظيم .