رغبة الإنسان في الإبداع و التميز تدفعه للعمل دائماً بجدية و مثابرة و تجعله يتجه نحو الاحسن وأفضل ، و يرتبط الإبداع في أذهاننا بالأعمال الفنية ، و لكن الإبداع يمكن أن يكون في العديد من المجالات ، حيث يمكن لأي شخص يمارس أي حرفة أو هواية أن يبدع فيها . و يتحقق الإبداع بأن يخرج الشخص أعمالاً فنية جميلة و متميزة و أصيلة ، لا يمكن لأي شخص مبدع أن يقوم بتقليد أشخاص آخرين أو يجعل منهجه في العمل مثل شخص آخر يراه مثله الأعلى على سبيل المثال . بل يجب أن يسعى الشخص لتحقيق احسن وأفضل النتائج بطرقه الخاصة دون الإعتماد إلا على عقله الخاص و أفكاره التي ينتجها عن طريق اكتساب الخبرة بالتجريب و المعرفة بالبحث و الإطلاع .
لو حاولنا تحديد طريقة معيّنة تمكن أي شخص من أن يصبح مبدعاً لن ننجح في ذلك ، لأن الفروق الفردية بين الأشخاص و إختلاف المهارات و المجالات تستدعي أن يقوم كل شخص بطرق وخطوات مختلفة عن غيره و لأوقات تقصر أو تطول حسب نوعيّة العمل الإبداعي أو الناتج الذي يرغب الشخص في إخراجه للنّاس . لكن ما أجمع عليه النقاد و المبدعون في المجالات الفنية أن يقوم الفرد بتدريب نفسه كثيراً جداً و بشكل متواصل ومثابرة و يجعل من أشخاص يثق بذائقتهم و موضوعيتهم في الحكم على الأعمال الإبداعية شاهد و حكم على مدى تطوره ، و بعد فترة لن يحتاج المبدع أن يستشير أحد في أعماله ، بل سيعرضها مباشرة كمنتج إبداعي نهائي .
و الخطوة الأولى في سبيل ذلك هي ان يكون لدى الشخص رسالة و رؤية للعالم يريد أن يوصلها للناس بشكل خاص ، و المنتجات الإبداعية كالرسم أو التمثيل أو الكتابة لا تكون إلا مجرد أدوات لإيصال تلك الأفكار و الرؤى الخاصة بالمبدع . و تتكون تلك الرؤية لدى الفرد بالقراءة و المعرفة العامّة و الإطلاع . يجب على الشخص المبدع أن يكون مثقفاً . أن يقراً في شتى المجالات و يطلع على آخر التطورات في العالم مع التركيز على المجال الذي يبرع فيه ، فالممثل القارئ للفلسفة و علم النفس سيكون أكثر دراية بالنّفس البشريّة و يستطيع تجسيد أدوار بشكل يعجز عنه الآخرون ، و الكاتب المتمكّن من اللّغة و التاريخ و أساليب الكتابة و يستطيع أن يعبر عن أفكاره و عن آلامه و طموحاته بشكل أكبر من القارئ المتوسط ، و هكذا قياساً على شتى المجالات .
أن تكون مبدعاً هو أن تعمل بجد و مثابرة وعدم يأس من أي محاولات للإحباط قد تواجهك في طريقك .