أولياء الله هم عباد الله المقرّبين المنصورين فمعنى الوليّ : النصير والمّحبّ والمقرّب والمتولّي بالخير والنعماء من هم بملكه وكلّ تحت ملكه جلّ جلاله . ولكن بلا شكّ فإنه يتبادر الى ذهننا جميعاً أنّ مرتبة الولاية بأن تكون وليّاً من أولياء الله هي مرتبة صعبة المنال بعيدة عنّا ولكن الله برحمته وحكمته جلّ وعلا أوضحها لنا وجعلها مُيّسّرةً لمن طلبها بجدّ وأراد أن يكون منهم ، فقد قال الله تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) سورة يونس ، فتقوى الله عزّ وجل والايمان به هو أوسع ابواب الولاية فمن آمن بالله وبموعوداته وبأركانه المفروضة وكان من المتقين بأن يجده الله حيث أمره ولا يجده حيث نهاه فقد أفلح وفاز بالولاية الإلهية العظيمة ومن تولّاه الله فقد حصل له كل خير وكان من المبشّرين بالسعادة والخير في الدنيا والآخرة وهذا وعدٌ حقّ من الله عزّ وجلّ ولا تبديل لكلمات وعبارات الله فهو قانون إلهي لا يتغيّير ولا يتبدّل.
وحتى تتحصّل لك الولاية أيضاَ عليك أن تلزم ما فرَض الله عليك وتتعاهد النوافل وتكثر منها تقرّباً وتزلّفاً الى الله جلّ وعلا وذلك لما جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاريّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم : (( إنَّ اللهَ قال : من عادَى لي وليًّاً فقد آذنتُه بالحربِ ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه ، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه ، فإذا أحببتُه : كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به ، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به ، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها ، ورِجلَه الَّتي يمشي بها ، وإن سألني لأُعطينَّه ، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه ، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه )) ، فانظر كم هي منزلة الوليّ من الله تعالى اذا ادّى ما عليه من الفروض وزيّنها بالنوافل حتى استحقّ من الله تعالى كل هذا الحبّ لدرجة أنّ الله يحارب من بارز وليّه العداء فهو في حماية الله ورعايته وانظر ايضاً كيف أنّ الله يطهّر بصره ويقويّه ويقي سمعه فلا يسمع الا حسناً وذو قوة حين يمدّه الله بالعون وهو قريب من ربّه يجيبه اذا دعاه ويعيذه اذا استعاذ به من كل ما يضرّه.
ومن مظاهر الوليّ التي يراها الناس ما ورد في الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ((أولياءُ اللهِ تعالى ، الذينَ إِذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ تعالى)) فما اجمل وافضل أن تكون ممن يذكر الله حينما يراك الناس فلسان الحال أبلغ وأصدق من المقال فكن بايمانك بالله باعثاً لغيرك على الايمان اقتداءَ بحالك التي تنفعك وتنفع بها غيرك بإذن الله تعالى .
واعلم يرعاك الله أن محبّة المؤمنين والتراحم بينهم هي سبيل أيضا أن تكون وليّا من أولياء الله تعالى كما في الحديث الذي رواه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ((إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ، ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى . قالوا : يا رسول الله ، تخبرنا من هم ، قال : هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور ، وإنهم على نور : لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ هذه الآية : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) رواه أبو داود باسناد صحيح .