كلّنا نعرف المثل الشهير القائل ( وفر قرشك الابيض ليومك الاسود ) ، وجمينا نعي أهمية وفائدة التوفير وأنّ المبلغ القليل الذي سنوفّره هذا الشهر سيزداد الشهر المقبل والذي يليه ، وجميعنا نطمح ونسعى بأن يكون لدينا مبلغاً مدّخراً لمواجهة أي ظرف أو طارئ قد يواجهنا ، ولكنا معظمنا يفشل في ذلك قد يكون سبب عدم إقبالنا على التوفير هو الإستخفاف بالمبلغ الفائض عن حاجتنا، و إقتناعنا أنّه لن يكون مهمّاً لأي غرض، و قد نعتمد دائماً على أنّه و في نهاية كل شهر هناك مبلغ مماثل للذي بين أيدينا فلذلك لا داعي لأن نوفّر، و غيرها من الما هى اسباب النفسيّة الأخرى مثل الواقع في مغريات التسوّق،وكثرة التزامات الحياة ونعزي أنفسنا بما نسمعه دائماً من ارتفاع الأسعار، وصعوبة الحياة ومتطلّباتها من الآخرين ، أي أنني مثل غيري لا استطيع أن أوفر شيئا وبالكاد دخلي يكفي لسد متطلباتي ، ونستمر باقناع و ماسك أنفسنا بهذاالمعتقد ، ولكن لو أنّ كل واحد منّا أمعن النّظر ودّقق في الإتّجاهات التي ينفق بها المال لوجد أنّ هناك أموراً عبثيّة كثيرة تستنزف من دخله ويمكن إعادة النّظر بها أو حتى إلغائها ، لا يوجد شك بأنّ هناك أموراً أساسيّة لا يمكن تجاهلها ، مثل إيجار المنزل وفواتير الماء والكهرباء ، وهذه الأمور يجب فوراً تسديدها قبل أي شيء ،فاذا قمت بتأجيلها فإنّك قد تنفق راتبك بأمور أخرى وتعجز عن سداد هذه الأساسيّات وتتعرّض لأزمة حقيقيّة .
يعاني الكثير منّا من أزمة الأيام الأخيرة من الشّهر لأنّ ما بقي في الجيب لا يكاد يكفي لسد الحاجات الاساسية ، ولا يوجد أي مجال لشراء الكثير من الاشياء التي نشتهيها ، وهذه النّقطة يجب التوقف عندها حيث أنّنا نخزن في ذاكرتنا الكثير من الأشياء التي فور استلامنا لراتب الشهر الذي يليه نقوم بالإسراع بشراءها كوننا كنّا قد اشتهيناها وتستنزف المال الكثير منّا ، ولكن يجب أن نعلم بأنّ راتب الشهر السّابق لم يكفنا لأنّنا قمنا بنفس السّلوك بالشهر الذي سبقه، أي يجب علينا أن لا نكرّر نفس السلوك الخاطئ ، وأن نعمل على كبح جماح جزء كبير من شهواتنا وأن نؤجّل جزءاً منها إلى الشهر الذي يليه ، كما يجب على الفرد منّا أن يعوّد نفسه على تناول الطعام داخل المنزل قدر المستطاع وتجنّب الأكل في المطاعم ، كثير من الموظفين وخاصّة في الشركات وعند حلول ساعة الغداء يقومون بالذهاب الى مطاعم الوجبات السريعة أو طلبها عبر الهاتف ، وهذه الوجبات تكون عادةً مكلفة ، لذلك يفضّل أن يحضر الموظف معه طعامه من المنزل حتى لو كانت على شكل سأندويشات بسيطة يأكلها في مكان عمله و يقول لنفسه لا يوجد شيء أخجل منه فقدأعدّتها لي والدتي أو زوجتي ، و سأصبّر نفسي بهذا الطعام حتى ينتهي دوامي وأعود الى المنزل ، فهذا سوف يوفر مبلغاً جيّداً من المال ،وهناك الكثير من الموظّفين الذين لا يملكون سيارات ويستقلّون سيارات الأجرة ( التاكسي ) بحجة أنّهم يريدون اللّحاق بموعد عملهم صباحاً ، فالموظف النشيط يجب عليه أن يستيقظ باكرا ً ويستقل وسائط النّقل العامّة ، ذات الأجرة الرمزيّة وعندها سوف يشعر بالفرق ، في نهاية الشهر.
كما أنّ الكثير منا يتحجّج بطلبات أطفاله التي لا تنتهي ، وأنّهم يستنزفون جزءاً كبيراً من دخله ، وأنّ الطفل لا يعي شيئاً أو يتفهّم شيئاً سوى أنّه هذه اللّعية مثلاً أو تلك وهذه نقطة مهمّة ، فيجب علينا أن نربّي ابناءنا أنّه ليس كل شي يريدونه يستطيعون الحصول عليه وهناك طرق ووسائل كثيرة لتوصيل هذه المعلومة للطفل حتى لو كان في بعضها بعض الشدّة.
فهذه بعض الأفكار والأمور القليلة والبسيطة التي يمكن تطبيقها ، ممّا سيساعدنا على الإكتفاء الذّاتي وعدم الاستدانة بل وحتى ستساعدنا على توفير بعض المال كل شهر لمواجهة أي ظرف طارئ.