يحتاج البشر ليتمموا أعمالهم اليومية إلى الطاقة التي يحصلون عليها من الطعام الذي ينقسم في أصله إلى قسمين نباتي وحيواني، والحيواني منه أيضا يعتمد في تكوينه على النبات الذي تتغذى عليه الحيوانات أيضا، لذلك كانت البيئة الزراعية من أهم البيئات الموجودة على الأرض فهي تحتوي المصدر الأساسي للغذاء على وجه الأرض للإنسان والحيوان، فكان الاعتناء بها من الواجبات الأساسية واللازمة على البشر الذين تقع عليهم مسؤولية عمارة الأرض وخلافتها وعدم الإفساد فيها.
تتميز البيئة الزراعية باحتوائها على أنواع كثيرة من النباتات سواء كانت الصالحة للإستخدام البشري أو الإستخدام الحيواني، فإنها تحتاج إلى الأيدي البشرية الماهرة لرعايتها والقيام عليها لإخراج احسن وأفضل المنتجات الزراعية منها ليتوفر فيما بعد للصناعة والتعليب وتقديمه جاهزا لكل من البشر ومربي الحيوانات لإعطاء الطاقة واستمرار الحياة.
يتميز سكان البيئة الزراعية بالعدد القليل، كما أن بيئتهم تسمى الأرياف عادة ويكثر فيها زرع المحاصيل وتربية المواشي والطيور، حيث يقف كل مزارع جزء من أرضه للزراعة وجزء آخر لتربية الحيوانات مما يساعده في الحياة عن طريق إطعام نفسه والتجارة بما يفيض لشراء باقي الحاجات والإلتزامات، ويمتازون بأن منازلهم تبعد عن بعضها البعض وغير معقدة التصميم ولا البناء فغالبا تكون من طابق واحد تقترب من الأرض وتكون إما بالطين أو الخشب.
تعتبر الأرياف من اجمل وافضل المناطق الموجودة في كل دولة لما تحتويه من اللون الأخضر الذي يكتسي بالشمس وعباد الشمس اللامع بالأصفر والورود المزروعة والهواء المشبع بالأكسجين وتلك البيوت البسيطة والحياة الهادئة بعيدا عن دخان المصانع وأصوات السيارات والشوارع معقدة التعبيد، لذلك تعتبر مكانا للإستجمام والراحة لعدد من الناس حيث يهربون من صخب الحياة في المدينة وينتقلون للتنعم في خيرات الريف والاستمتاع بهدوء وجماله.
تعتبر الأرياف من مصادر الدخل الأقوى للدول، حيث تشكل الثروة الزراعية بنوعيها الزراعة والتربية إذ تتحصل الدولة منها على ما يكفيها من القمح والحاجات الأولية للناس وما يفيض تقوم بتصديره للحصول على ناتج قومي عال يزيد من دخل أفراد المجتمع وييسر حياتهم ويدفعهم لمزيد من العمل والجد للحصول على حياة كريمة احسن وأفضل وأفضل.
أما عن سكان تلك البيئة فإنهم بسطاء جدا، وغالبا ما تختلف لهجتهم ونمط حياتهم عن لهجة ونمط المدينة في جميع أرجاء العالم، والزواج منهم بسيط وتقاليدهم أصيلة، وانتشار الجرائم والزنا والقتل في مجتمعهم تكاد تكون معدومة، ويظهر بين سكان تلك المناطق التعاون والرأفة والرحمة والتآزر فيما بينهم، فتراهم في مواسم المحصول يدا واحدة يساندون بعضهم، وتراهم في حدوث المصاب يدا واحدة لإعانة مصابهم، فيقدمون لأنفسهم الكثير رحمة ببعضهم البعض، فلا تزال أخلاق البشرية والإنسانية لديهم أرفع مما يملك أهل المدن منها، وهذا ما يجعل من البيئة الزراعية من اجمل وافضل الأماكن المتواجدة في العالم لما يرى من جمال طبيعتها وأخلاق أهلها وهدوءها وروعتها.