المحبة شعور وجداني يحمله الإنسان في خلجاته، وطيات نفسه، ملؤها الوجه المشرق للحياة تبث الحيوية والطاقة الإيجابية في البشر، هذه المشاعر التي تبحث عنها كل الكائنات الحية، وعلى رأسهم البشر حيث خلق الله الإنسان مخلوق إجتماعي بطبعه يحب ويحب، يؤثر ويتأثر بمن حوله لا يمكنه العيش بلا تفاعل مع الآخرين، وينتج عن هذا التفاعل مجموعة من المشاعر الإيجابية والسلبية، يمكن تلخيص كل المشاعر الإيجابية بالحب، وكذلك يمكن تلخيص المشاعر السلبية بنقيض الحب وهي الكراهية. وبالمحبة تتوطد العلاقات، وتتعامل الناس مع بعضها بروح الجماعة والفريق، تلك الروح التي تستطيع أن تبني وتعمر وتطور وتنجز، ولهذا تجد البشر دائماَ يبحثون عن المحبة يبحثون عن أشخاص يحبونهم ويحبوهم، فإذا ما صارت تلك المشاعر متبادلة تتفجر كل الطاقات البناءة، و تعميمر الكون، فتتقدم الأمم، وتصلح الأمور، ويقام العدل، وتسير الحياة نحو الأمل المتجدد بالعطاء والبذل، وبدون هذه المشاعر تموت الحياة فيطغى عليها الإقتتال، و الحروب التي يكون مآلها الدمار والفشل والفناء. فلهذا دائماً يبحث الإنسان في نفسه مواطن الجمال والجاذبية، التي تدفع الناس لإحترامه ومحبته، ويكون لسان حاله كيف أحقق محبة الآخرين؟
اختلف علماء النفس وعلماء الاجتماع في تعريف ومعنى المحبة، ووضعوا النظريات والفرضيات الكثيرة للحب وأنواعه وطريقة تحقيق المحبة، علماً بأن قضية المحبة تعتمد في جلها على أخلاق الشخص ذاته، فالطريق إلى حصد محبة الآخرين سهل ليس كما يعتقد الآخرين، فالشخص الذي يود أن يكون محبوباً لا بد أن يتسلح بالأخلاق الرفيعة، فيكون دمث الأخلاق، متواضعاً يعلم أن الآخرين يبحثون عن المحبة كتعرف ما هو يبحث عنها فيزرع حب الآخرين في قلبه ووجدانه، لا يمكر للآخرين ولا يحسد ولا يحقد، ويقابل الإساءة بالمعروف، ويالبحث عن سعادة الآخرين، ويتمنى لمن حوله كما يتمنى لنفسه، يكون معطاءً مقبلاً على الحياة بتفاؤل، لا يحقر من شأن أي شخص ولا يقزم الآخرين، يكون معوال بناء، يقف بصف الحق وإذا أراد تصحيح الباطل لا يكن لاذعاً في نقده أو متكبراً في نصحه، يستخدم أدوات الجذب لا التنفير في كلامه، وفي سلوكه حتى مع من يختلفون معه الرأي أو يحاربونه بالعلن أو الخفاء، فبالكلمة الطيبة تسطيع أن تكسب ألد الأعداء.
الحب هو: الوجه المشرق للحياة كل البشر يتمنوه ويعيشونه، ولكن غالبيتنا يكسب محبة فئة أو مجموعة تتفق معه بالرأي أو الدين أو التوجه السياسي أو اللون أو الجغرافيا، ولا يستطيع أن يكسب حب مع من يختلف معه في معتقداته وآرائه أو أصله أو نسبه أو دينه أو صبغته السياسية؛ فيتجنبه، أو يعلن له العداء، ويدخل معه في دائرة المناكفات، ويعلن الحرب والاقتتال معه سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، ومن يفعل ذلك لا يجد نفسه إلا في دائرة ضيقة، لا يستطيع الانفتاح على العالم وعلى الثقافات الأخرى، ويتقوقع في مجتمع صغير أو في ذاته ويخسر ولا يتقدم ولا يبني ولا يعمر، مع أنه لو علم أن الاختلاف في الرأي أو المعتقدات أو حتى الدين لا يفسد للود قضية. فقضية المحبة لا تحتاج أن أكون متقاطعاً معك في كل صفاتك، فاختلاف الأشياء هو سر المحبة، فطبيعة البشر تنجذب ناحية الشيء المختلف، ولكن يجب أن يكون هذا الإختلاف في جوهره وظاهره مليء بالجمال. فبالتضاد يزداد الجمال كتعرف ما هو معروف في أدبيات اللغة. وسر الجمال في الاختلاف هو ثقافة قبول الآخر، وهذا لا ينبع إلا من أصحاب العقول النيرة والقلوب الطيبة. فبالعلم والأخلاق تستطيع أن تكسب محبة الآخرين وتكون محبوباً.