الشعور بالثّقة بالنفس هو المُفتاح السِحري لِفتح الكنوز المُقفلة داخلك، عليكَ أن تثق بنفسك فإنْ لم تثق بنفسك فكيف ستجد شخص يَثِق بك ؟!
ما المقصود بالثقة بالنفس
الثِقة بالنفس هي صِفة مُكتسبة، وليست فِطرية، فلا يُولد أحد واثق من نفسه، ويتّم تعزيز الثِقة بالنفس من خلال التجارُب التي يمُر بها الفرد فيرى أنّ ذاته تستحق الثناء، فالشخص الواثق من نفسِه ينظُر للجانب الإيجابي في شخصيته، ويقوم بتطوير هذه الصفات الإيجابية، ويُقابل هذه الصفة ضعف الثقة بالنفس، وهو شخص سَلبي ينظُر لنفسه من الجوانب السيئة فيه، ويكون غافلاً عن الصفات الإيجابية الموجودة في الجانب الآخر من شخصيته، فكيف نتعامل مع هذه الشخصية، وهل يُمكن لمن هُم ضِعاف شخصية أن يُصبحوا ذات شخصيات واثقة من نفسها؟
هل تمتلك ثقة بالنفس
قبلَ الرّد على هذه الأسئلة يجب الإشارة إلى جميع البَشر لديهم جانب إيجابي، وجانب سلبي في شخصياتِهم، ولا أحد يصل حدّ الكَمال في شخصيته، ولكنّ الفارق في الشخصيات، هو كيف تنظُر لذاتك، هل تفخَر بالصفات التي تحملها، أم تسعى لتكون شخص آخر؟ ولمعرفة هل أنت واثق من نفسك أم لا؟ أجِب عن الأسئلة التالية:
كيف تعرف أنّك ضعيف الثِقة بالنفس
تستطيع عمَل اختبار بسيط، تستطيع من خلِاله، الإجابة على هذا السؤال، وذلك مِن خلال إحضار ورقة وقلم، ثم كتابة المُميزات التي تشعرُ أنّها من الصفات الحسنة عندك من (طِيبة، ذكاء، تفاؤل، نشاط، صبر)، ثم اختيار احسن وأفضل صفتين لديك، وفي ورقة أخرى، اكتب الصفات السلبية والتي لا تُعجبك في شخصيتك، ثم اختيار أسوء صِفات لديك، ثم عَمل مُقارنة بين الصفات المُميزة، والصفات التي تُعجبك، وراقِب نظرَك لذاتك بعدَ عَقد هذا الاختبار، هل رأيت أنك شخص فاشل ؟ أنا أفتقِر للكثير من المميزات، أنا لا أجد هدف أسعى لتحقيقه لأصبح مُميز، شخصيتي لا تُعجبني فكيف ستعجِب الأشخاص القريبة مِنّي، وكيف سأمتلِك أصدقاء مثل غيري من الناس، لماذا أتلَعثَم عند الحديث، لمَّ أهاب من بناء علاقات مع الأشخاص.
طرق وخطوات اكتساب وتنمية الثقة بالنفس
- يجب أن يكون شعورك بالحاجة، لاكتساب الثقة بالنفس نابِع من داخلك، فالفرد هو أكثر من يستطيع مُساعدة نفسِه، فتنمية الثِقة بالنفس تحتاج إلى بذل مجهود من النفس، التي قد تتعرَض للملل بسُرعة، إذا لم تكُن هذه الخُطوة حاسمة، وجِدّية بالنسبة للشخص، لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ).
- التفكير الإيجابي: من خلال الاحتفاظ بالصِفات الحسنة، والثناء عليها ومُحاولة تذَكُر التجارب الجيدة التي قُمت بها والمواقف التي كُنت بارع فيها واستطعت الفخر بنفسك في حينها، كل هذا يُعزز الثقة بالنفس لديك ويُساعدك في ترك انطباع إيجابي لذاتِك داخلك ويُكسبك طاقة إيجابية، فلا يجوز الاحتفاظ بالمواقف السيئة، وترديد عِبارة أنا شخص فاشل، أنا شخص بلا فائدة، فذلك يجعلها محفوظة في اللاوعي، وتُصبح في المستقبل جزء لا يتجزَأ من شخصيتك، وعندها يصعُب السيطرة على حالك، لذلك يجب تعزيز ثقتك بنفسك من خلال نظرتِك الإيجابية لنفسِك، وإيمانِك بأنّ لكل مِنّا صفات تُميزه عن غيره، ودائما ردد أنا شخص ناجح، لديْ العديد من المهارات، فذلك يجعل لديه التعامُل مع جميع المواقف حتى تلك المواقف التي قد تُعرضُك لموقف حرِج، قد يُقلل من ثِقتك بنفسك.
- تفعيل دور موهبتك في حياتِك، فلكُل شخص مِنّا موهبته الخاصة به تُميّزُه عن الجميع منحنا الله إياها، فما على الفرد مِنّا سِوى اكتشاف هذه الموهبة والسعي لمُتابعة التعمُق والتميُز فيها، والتوسُع في مجال هذه الموهبة لتُصبح أكثر تميُزاً في هذا المجال، ويتّم ذلك من خلال غرس ثقافة حِبْ ما تعمل حتى تعمل ما تُحِب، اجعل من نفسك شخص يقتدي به الناس، لا تجعل شيء يُقلل من إرادتك، ارسُم لك طريق تُريد الوصول إليه وتوكَل على الله، فستصِل لِما تُريد بإذن الله و ببذل الجُهد ولا تُبالي لجميع أحاديث الناس مهما بالغوا في حديثهم، دعهُم يتفوّهون بما يُريدون، واجتهد لتصِل لأعلى السّلم، ثم انتظر كيف سيتمنُون أن يكونوا في مكانِك الذي وصلت له، هذه هي الثمار التي نودُ أن نجنِيها من الثِقة بالنفس، وهي الإيمان بِذاتك، والسعِي لتحقيق ما تُريدُه ذاتِك، دون التأثُر بالعوامل الخارجِية القاتِلة لطُموحاتِك، فكم من ذوي الاحتياجات الخاصَة، سخِر العالَم بأجمعُه منهُم وحاولَ الكثير أن يُحبِطوا طُموحاتهم، لكنهُم آمنوا بأنّ لديهم ما يُميزهم، وآمنوا بقُدراتهم، وتوكلوا على الله، فنجحوا وتمنّى الجميع أن يكونوا مكانَهم.
فهذه قِصَة فاقِد البَصر الذي كان يَذهب لتعلُم القرآن، وكان الجميع يسخَر منه، ويُراهِنون على عدِم مَقدرتِه على الحفظ، فحفظ القُرآن بفترة وجيزة وأصبح من أهم عُلماء الفقه، وحين سألوه عن فقده للبصر، هذه هديتي من الله، لأنّها جعلتني أتميَز عن غيري في وضع هدف أطمحُ له في حياتي، على العكس من الكثير الذين يعيشون ويموتون وكل شيء بحياتِهم عادي بلا فائدة.
- التخلُص من العادات السيئة: أحضِر ورقة وقلم ودوِّن عليها الأشياء السلبية في شخصيتك، وقُم بترتيب العادات من الأسوء إلى الأقل سوء، ثم اختار العادة الأكثر سوء و احرِص على نيتِك في التخلُص منها، ويتم ذلك من خلال تحديد هذه العادة، وتحديد سلبياتها، وسبب وجود هذه العادة لديك، ثم الاتفاق بينك وبين نفسك أنك ستُقلِع عن هذه العادة في فترة تُحددُها بنفسك، كعادة الكذِب مَثلا، عند إقلاعك عنها تُقلل نسبة الكذب في كل فترة حتى تصل لمرحلة التخلُص من هذه العادة بشكل نٍهائي، ويتِم التخلُص من الصفات السلبية بنفسك كما وضحنَا وإذا لم تستطِع يُمكنك الاستعانة بمن لديهم خبرات أكثر منك، ومن أهم الطُرق للتخلُص من عادة سيئة هو البدء باستخدام عادة جديدة حسنة، وعن تجرُبة هذه هي احسن وأفضل الطُرق للإصلاح من نفسك، وذلك لضمان عدم عودتك لتلك العادة السيئة، واكتساب عادة جديدة حَسنة تُضاف لرصيدك في بنك الثقة بالنفس.
- معرفة مواطن الضعف والصِفات التي تفتقر لها شخصيتك، والبدء بمُعالجة هذه الثغرات، ويتِم تحسين هذه الصفات من خلال استشارة أصحاب الخبرة، وكذلك القراءة وأكرِر مرة أخرى القراءة، ولما فيها من آثار عظيمة، فمِن خلال القراءة تكتسب الخبرات، وتتعرف على آراء، وقصص أفراد، قد يكونوا عاشوا مثل تجربتك، كل هذا يزيد لديك الثقة بالنفس.
- القدوة الحسنة: لكي تقضي على ضعف الثقة بالنفس وتنمية الثقة بالنفس، يُمكنك أخذ شخص قدوة لك يُساعدك في وضع نهج، ومحاولة التعلم منها مع الحذر من تقليد هذه الشخصية، فشتّان بين الاستعانة بشخص مثالي، يُساعدك في رسم خطواتك للبدء بصعود السُلّم، فهذه الشخصية بمثابة طمأنينة لنفسك أنّ هناك أشخاص وصلوا لما يريدون من خلال مثابرتهم، واجتهادهم، فعليك ملاحظة الخُطوات التي اتبعَها، والتعمُق في دراسة شخصيته، فهذه الشخصية قد تكون واجهت مواقف مُشابهة لمواقف حياتك، ولأنّ لديها خِبرات أكثر منك فعليك التعلُم مِنها، من ثم تبدأ بوضع خطة تسير عليها في حياتك وتخطُو طريقك وتضع تحت ناظِريك هذه الشخصية، لكي تُشحن نفسك بالطاقة، فلا تقِف في نِصف الطريق، وكي لا يُصيبُك الملل فتعود لما كنت عليه، فدائماً طريق النجاح يحتاج لمُثابرة، على عكس الطريق الذي يستطيع المرور منه الجميع دون تعب، فطريق الفشل تستطيع اجتيازُه وأنت جالس في مكانك، وأنت مُعتقد أنك مرتاح، لكن ما يلبث الوقت حتى تستيقظ فتجِد نفسك في حُفرة، فحينها ستعُضّ أيديك من الندم، لذلك عليك الاستيقاظ الآن قبل أن تجِد نفسَك داخل الغرفة، فلنفسِك عليك حق، والوقت كالسيْف إنْ لم تقطعهُ قطعَك.
- لا تتقمَص شخصية غيرٍك، فتقمُص صفات الآخرين قتل مُجهَز، لأنّ التقليد الأعمى فيه قتل للإرادة، وإلغاء مُتعمَد للتميُز والتفرُد المقصود من الخليقة، فمن آيات الله عزّ وجل: اختلاف لصفات الناس ومواهبهم، وتقمُص شخصيات الآخرين يزيدُك تحقير من نفسك، وزيادة ضعف الثقة بالنفس، ويتِم علاج و دواء ذلك من خلال الرضا بما قدّر الله لك من عطاء ومواهب، والإيمان بهذه المواهب، واستثمارِها ونمائِها، والانتفاع بها، لقوله تعالى (لا يكلفُ اللهُ نفساً إلا وسعها).
- العُزلة مع الله عزّ وجل، والتقرُب إليه، ففي العزلة مع الله تأمُل، وتفكُر وتدبُر لمقاصِد الله، وزيادة الافتخار بذاتك التي هي من عند الله، فأكثر ما يزيد احتقارك لنفسك هو بُعدك عن الله، فكُل اللامِعين، والنافعين، والعباقرة، ورواد التاريخ، كُلهم سُقوا من ماء العزلة، فزادت ثقتهم بالله عزّ وجل، فنبتت شجرة عظمَتهم، فآتت أُكلها، بإذن ِربها.