إنّ تنويع خلق الله في مخلوقاته يكاد لا يعد ولا يحصى ، ونجد أن المخلوقات جميعها إمّا أن تكون بريّة تحيا على اليابسة أو تطير في الجو وإمّا أن تكون مائيّة تعيش في الماء ، وإما أن تكون برمائية تعيش في الماء وعلى اليابسة على حد سواء ، ومن المخلوقات المائية التي تعيش في الماء هو الحوت الأزرق .
ويعد الحوت الأزرق أطول وأضخم وأثقل كائن حي على كوكب الأرض ، حيث يبلغ طوله ثلاثة وثلاثين متراً ، ويزيد وزنه عن خمسين طن ، والحوت الأزرق هو من الحيوانات الثديية حتى وإن كان يعيش في الماء ، بمعنى أنه يلد ولادة ولا يضع بيوضاً كالأسماك ، وهو من الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض ، مما جعل الدول المعنية تضع قيوداً صارمة بتحريم صيده ومعاقبة كل من يتعدّى على هذا القانون بأقسى العقوبات ، وذلك من أجل توفير الحماية للحوت الأزرق ومنحه إمكانية تجاوز خطر التهديد بالإنقراض ، ولتمكينه من التّكاثر والحفاظ على استمراريّة نوعه في الحياة .
ويعيش الحوت الأزرق في المحيطات ويقتات على الأسماك المختلفة ، ويبتلعها ابتلاعا بكميات كبيرة ، وقد لوحظ أن لعوامل إفساد البيئة من تسرب نفط من ناقلات النفط مثلا أثرا بالغ الخطورة على حياة الأسماك بشكل عام وعلى الحوت الأزرق بشكل خاص نظراً لقلّة أعداده المتوفرة حالياً ، ويعتبر الحوت الأزرق من المخلوقات المسالمة ولا يعتبر متوحشاً كسمك القرش مثلاً ، ولكن هذا لا يعني توخّي الحذر عند الاقتراب منه ، فربّما من دون قصد منه ولحجمه الهائل أن يقلب قاربا كبيرا بمن عليه من بحارة ومن أحمال .
وقد ذكر اسم الحوت في القرآن الكريم ، وقصة سيّدنا النبي يونس معروفة ، حيث غرقت سفينته في البحر وابتلعه الحوت وعاش في بطنه ردحاً من الزمن يقتات على الطعام الموجود في بطن الحوت ويتنفّس من الهواء الموجود في داخله إلى أن شاء الله ونجّاه وجعل الحوت يلفظه خارج معدته على شاطئ آمن .