يدرك المتأمّل في حياتنا المعاصرة أنّ كثيراً من الأمور يكون لها منافع كما يكون لها مضار و سيئات ، فالسّكين سلاحٌ ذو حدّين ، و المسدّس سلاحٌ ذو حدين ، قد تستعمل في وجوه الخير و الجهاد ، و قد تستخدم في وجوه الشرّ و الإفساد ، فغاية استخدام الأشياء هي علّة الحكم عليها بالخير أو الشرّ ، و قد تطوّرت التّكنلوجيا في عالمنا المعاصر و انتشرت انتشاراً كبيراً و بشكلٍ متسارعٍ ، حتّى صارت التّكنلوجيا لغة العصر بامتياز و لم تستثن صغيراً او كهلاً كبيراً ، كما شكّلت الشّبكة العنكبوتيّة ( الإنترنت ) ثورةً في عالم التّكنلوجيا بما وفّرته من تسهيلٍ في التّواصل بين النّاس كتابيّاً و محادثةً مهما ابتعدت أماكنهم و بلدانهم ، فجعلت العالم و كأنّه قريةٌ صغيرةٌ .
و قد انتشرت في الآونة الأخيرة صفحاتٌ و مواقع على الشّبكة العنكبوتيّة سمّيت بمواقع التّواصل الاجتماعيّ ، و على الرّغم من أنّ هذه المواقع كانت لها فائدةٌ عظيمةٌ حيث أتاحت للنّاس التّواصل بسهولةٍ من خلال تبادل المعلومات و الصّور و المحادثة الفوريّة بل و وضع الأخبار العاجلة و إرسالها بلحظات ، فقد كان لهذه المواقع مضارٌ و سيّئاتٌ ، فمن سيّئات هذه المواقع و منها موقع الفيس البوك الشهير أنّها جعلت النّاس يحجمون في كثيرٍ من الأحيان عن التّواصل فيما بينهم تواصلاً شخصياً عن طريق الزّيارات و النّدوات ، فأصبح الإنسان يعتمد على هذه المواقع لتبادل التّهاني بالمناسبات المختلفة و الاطمئنان على الأقارب و الزّملاء ، فآفة هذه المواقع من النّاحية الاجتماعيّة كبيرة ، و قد تسبّب هذه المواقع انشغال النّاس بها عن ذكر الله سبحانه و العبادة ، فترى الكثير ممّن يتسمّر أمام شاشات الحاسوب و يقضي السّاعات الطوال و ربّما يضيّع صلاته أو ينشغل عنها و هو مشغولٌ بكلّ ذلك ، و هناك آفاتٌ ماديّةٌ تتجلّى بعض الأحيان في صور الإعلانات المنشورة على هذه المواقع و التي تحثّ على الشّراء و اقتناء الكماليّات التي لا حاجة للإنسان فيها .
فأمام انتشار شبكات التّواصل الاجتماعيّ حتى أصبح من الغرابة أن تجد إنساناً لا يملك حساباً أو صفحة عليها ، ينبغي على المسلم إزاء ذلك الحذر و الحيطة وأن ينظر إلى تلك المواقع كوسيلةٍ لنشر الفائدة و المعلومة الصحيحة و اجتناب آثارها السّلبيّة ما أمكن .