نشر الإسلام
عندما بُعث النّبيّ محمد صلى الله عليه وسلم بالدِّين الإسلاميّ خاتم الأديان كانت من خصائصه التي تميَّز بها عن غيره من الأديان أنّه دِينٌ للنَّاس كافّةً، وليس حِكرًا على العرب وحدهم، لذلك فقد دأب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده على نشر الدِّين الإسلاميّ بجميع السُّبل والوسائل، فكانت الفتوحات الإسلاميّة أهمّ هذه السُّبل لنشر الإسلام بين النَّاس من عربٍ وعجمٍ، خارج حدود شبه الجزيرة العربيّة، فانطلقت الجيوش الإسلاميّة في مشارق الأرض ومغاربها فاتحةً البلاد والممالك، ناشرةً الإسلام في أبهى وأسمى صوره ومعانيه، ممّا حدا بالنّاس إلى الإقبال عليه بنفوسٍ راضيّةٍ، وصدورٍ منشرحةٍ للدِّين الجديد وأتباعه.
ووصلت الفتوحات الإسلاميّة إلى القارّة الإفريقية وكانت بدايتها في عهد الخليفة الرَّاشديّ عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه بفتح مصر، لتُصبح اليوم نسبة المسلمين في القارّة الأفريقيّة النِّسبة الأكبر بين نِسب المسلمين في جميع قارّات العالم.
دخول الإسلام إلى ليبيا
ليبيا إحدى دول القارّة الإفريقيّة وقد جاء ذكرها في المخطوطات الفرعونيّة المصريّة القديمة، وذُكر في سبب تسميتها بهذا الإسم نسبةً إلى قبائل الليبو أكبر القبائل في ذلك الوقت؛ فعُرفت البلاد باسمهم.
ليبيا دولة كبيرة المساحة ذات موقعٍ استراتيجيٍّ مهم؛ فهي تقع على البحر الأبيض المتوسط بموانئ ذات مركزٍ اقتصاديٍّ منذ قديم الزَّمن، ومن ناحية أخرى فهي تتوسّط بين مصر من جهّةٍ وبلاد المغرب العربيّ من جهّةٍ أخرى؛ لذلك كان لا بُدّ لأيّ قائد يريد الوصول إلى بلاد المغرب العربيّ أنْ يمرّ بليبيا أوّلًا.
دخل الإسلام إلى ليبيا على يدّ القائد عمرو بن العاص رضيّ الله عنه في القرن السَّابع الميلاديّ، بغزو مدينة بُرقة الليبيّة، ثُمّ توالى دخول باقي المدن والقرى في الإسلام، ليحُلّ محلّ الدِّيانة المسيحيّة ديانة الدَّولة البيزنطيّة، التي كانت تُهيمن على ليبيا آنذاك.
قبل الفتح الإسلاميّ بفتراتٍ طويلةٍ كان الإسلام معروفًا بصورةٍ ضيّقةٍ في ليبيا، حيث أسلم بعض السُّكان المحليين من الأمازيغ في منطقة أوجلة، بسبب قوافل التِّجارة ما بين تُجّار شبه الجزيرة العربيّة، وتُجار ليبيا والقارّة الإفريقيّة.
واليوم تبلغ نسبة المسلمين في ليبيا حوالي 97% معظهم يتّبعون المذهب السُّني، وهو الدِّين الرَّسمي للبلاد.
وبالرَّغم من إيمان الليبيين بوحدانيّة الله جلّ جلاله إلا أنّ الثقافة التقليديّة للسُّكان الأصليين من البربر ألقت بظلالها على الدِّين؛ فوُجد ما عُرف بأناسٍ يمتلكون القُدرات العجيبة، والبركة وأُطلق عليهم لفظ قديس وهم كثيرون في ليبيا، وأقيمت لهم الأضرحة، وتُزار قبورهم طلبًا للعون والمساعدة والشِّفاء.