بداية الدعوة الإسلاميّة
تعرّض النّبي عليه الصّلاة والسّلام ومن آمن معه في بداية الدّعوة الإسلاميّة إلى كثيرٍ من الأذى والاضطهاد من قبل قريش وصناديدها، وظهرت مظاهر التّضييق عليهم في أكثر من جانب من جوانب الحياة، فمنهم من أوثق رباطه وحبس في بيته، ومنهم من عذّب حتّى يعود عن دينه، وعندما رأى النّبي عليه الصّلاة والسّلام تلك المعاناة التي يعانيها المسلمون أذن لهم رحمةً بهم بالهجرة إلى الحبشة ؟ فتعرف على ما هى الهجرة إلى الحبشة؟
الهجرة إلى الحبشة
هي موجات الانتقال التي قام المسلمون فيها بالرّحيل مؤقتًا من مكّة المكرّمة إلى بلاد الحبشة، وقد كانت عبارة عن هجرتين؛ حيث حدثت الأولى في شهر رجب من السّنة الخامسة للبعثة ثمّ في شهر شوال من نفس السّنة، وفي الهجرة الأولى هاجر ما يقارب من خمسة عشر رجلًا وامرأة سلكوا طريق البحر الأحمر وعند وصولهم إلى ميناء الشّيبة صعدوا في مراكب التّجار المتّجهين إلى الحبشة.
وفي المرّة الثّانية هاجر المسلمون بأعداد أكبر قدّرها المؤرخون بما يقارب المائة رجل وامرأة؛ حيث كان الدّاعي لاستمرار تلك الهجرات استمرار حالة العنف والتنكيل التي تمارسها قريش مع المسلمين ولوجود حاكم عادل لا يظلم عنده أحد يحكم الحبشة آنذاك.
لم يطب لقريش أن ترى المسلمين ينجون بأنفسهم بالهجرة إلى بلاد الحبشة فسعت إلى إفساد تلك الهجرات من خلال إرسال المبعوثين إلى ملك الحبشة النّجاشي وقد أرسلوا له كذلك الكثير من الهدايا علّهم يستميلوا قلبه فيقوم بطرد المسلمين، ولكن المفاجأة أنّ محاولات الكفّار المستمرّة تلك لم تجد آذانًا صاغية لدى النّجاشي وأهل الحبشة؛ حيث استمع النجاشي يومًا إلى مبعوث الكفّار عمرو بن العاص واستمع إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ممثل المهاجرين فوجد الحقّ إلى جانب المسلمين وخاصّةً عندما قرأ جعفر عليه آيات من سورة مريم فوجد النّجاشي أنّ دين الإسلام ودين عيسى عليه السّلام يخرجان من مشكاةٍ واحدة، فبكى وبكى القسّيسون حوله فأعطى الأمان بعد ذلك للمسلمين في بلاده يعملون بها ويتاجرون ويحترفون الصّناعات بحرية واحترام شديدين.
وحينما قويت شوكة المسلمين بهجرة النبي عليه الصّلاة والسّلام والمسلمين إلى المدينة المنوّرة وتأسيس الدّولة الإسلاميّة الأولى، همّ المسلمون في الحبشة بالهجرة فوصلت أولى قوافلهم في السّنة السّابعة للهجرة وتحديدًا عند فتح خيبر، وقد فرح النّبي عليه الصّلاة والسّلام لذلك، وعندما فتح المسلمون مكّة المكرّمة ازدادت قوّة المسلمين فقال النّبي الكريم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيّة وإذا استنفرتم فانفروا .