بعدما صعق المسلمون بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم شهد وبعد استلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه خلافة المسلمين لقيت الأمة الإسلامية حدثاً مهمّاً في تاريخها وهو ارتداد العديد من المسلمين عن الإسلام والتفافهم حول البعض ممّن ادعوا النبوة من بعده من أمثال مسيلمة الكذاب وكان لارتداد الناس العديد من الما هى اسباب من أهمها رجوعهم إلى العصبية القبلية من بعد استلام أبي بكر الصديق للخلافة فمنهم من كان يؤمن بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو رسول الله وأنّ مسيلمة والآخرين ممن ادّعوا النبوة كذابون إلا أنهم التفوا حولهم فكانت حروب الردة تتسم بالطابع السياسي أكثر من الطابع الديني لانشقاق القبائل العربية عن حكم المدينة المنورة وخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وقد التقى المسلمون مع المرتدين في العديد من المواقع فقد قسّم أبو بكر الصديق المسلمين إلى أحد عشر لواء وجعل على رأس كل لواء أميراً، ولكن ربما كانت من أشهر هذه المواقع هي معركة اليمامة أو معركة عقرباء أو كما تسمى أيضاً بحديقة الموت، وكانت هذه المعركة مع بني حنيفة بقيادة مسيلمة الكذاب حيث وصل تعداد ذلك الجش المائة ألف مقاتل وقد بدأ القتال بين المسلمين وبني حنيفة بأن بعث أبو بكر جيشاً من ثلاثثة ألاف مقاتل بقيادة عكرمة بن أبي جهل لمحاربتهم إلا أنّه أمرهم أن ينتظروا حتى يبعث لهم بالمدد فاجتهد عكرمة ولكنه هزم وتفرق جيشه في البلاد فأرسله أبو بكر بعد ذلك إلى اليمن، ثم بعث أبو بكر جيشاً من ثلاثة ألاف بقيادة شرحبيل بن حسنة وأمره بأنّ لا يقاتل جيش مسيلمة حتى يبعث له المدد أو الأمر ولكنه اجتهد وقام بقتالهم وحصل معه كما حصل مع جيش عكرمة.
وفي ذلك الحين كان جيش خالد بن الوليد قد حقق العديد من الانتصارات فبعثه أبو بكر مدداً إلى جيش شرحبيل وأمدهما بمقاتلين آخرين يصلون كما يروى إلى اثني عشر ألف مقاتل، وعند ملاقاة جيش المرتدين في منطقة خارج اليمامة تسمى عقرباء فوضع زيد بن الخطاب على الميمنة وأبا حذيفة على الميسرة وشرحبيل بن حسنة في المقدمة وكان هو في وسط الجيش، وعند بدء المعركة اجتاح جيش مسيلمة جيش المسلمين حتى وصلوا إلى مؤخرة الجيش فقام المسلمون بعدها بتجميع قواهم وظهرت فيهم العديد من الموقف المشرفة كزيد بن الخطاب الذي نذر على نفسه ألّا يتكلم حتى ينصرهم الله على المرتدين وانكسر المسمون بعد ذلك عدة مرات أخرى إلّا أنّ الموقف المشرفة للمسلمين ونداء خالد بن الوليد في المعركة وامحمداه اشعلت الحماس والإيمان في قلوب المسلمون فقاتلوهم حتى انسحب المرتون إلى الحديقة وهي حصن كبير لبني حنيفة.
ولم يستطع المسلمون اقتحام الحديقة في بادئ الأمر لأسوارها العالية إلّا أنّ البراء بن مالك رضي الله عنه طلب من المسلمين وضعه على درع وإلقاءه في داخل الحديقة ليفتح أبوابها من الداخل وهذا ما فعله المسلمون بعد رفضهم للفكرة في بادئ الأمر، وعندما شهد المرتدون شجاعة البراء رضي الله عنه أصابهم الرعب من المسلمين إلّا أنهم استمروا على ردتهم وقتالهم المسلمين بعدما فتح رضي الله عنه الباب للمسلمين واستمرت المعركة حتى قام وحشي بن حرب رضي الله عنه بقتل مسيلمة ليكفر عمّا فعل أيام كفره حين قتل حمزة بن عبد المطلب وفي ذات الوقت كانت رأس مسيلمة تطير نتيجة لضربة أبي دجانة فقتله الاثنان في الوقت ذاته إلَا أنَ من المرجح أن رمح وحشي سبق ضربة أبي دجانة رضي الله عنهم جميعاً، وسميت هذه المعركة بحديقة الموت بعد ذلك للعد الكبير الذي قتل فيها من الجهتين والذي لم يشهده المسلمون قبل ذلك فقتل من المسلمين ألف ومئتي رجلاً خمسمائة منهم من حفظة القرآن وقتل من المرتدين واحد وعشرون ألف مرتد.