يتميّز الهدهد من بين أنواع الطّيور المختلفة بشكله ، و رشاقة جسمه ، فهو يمتلك منقاراً طويلاً دقيقاً يمكّنه من الولوج في الأماكن الضيّقة كالثّقوب في الصّخور و الأشجار ، و بالتّالي الحصول على طعامه المميّز و المفضّل ، حيث يتغذّى الهدهد على الحشرات و اليرقات ، لذلك يحبّ المزارعون طائر الهدهد نظراً لدوره في تنظيف التّربة و جعلها صالحةً للزّراعة بشكل كبيرٍ بعيداً عن الآفات الزّراعيّة ، و الهدهد له خواصٌ عجيبةٌ ، و أساليب رهيبةٍ في القدرة على الطّيران لمسافاتٍ بعيدةٍ بسرعةٍ عاليةٍ ، و عنده قدرةٌ عاليةٌ على اكتشاف الماء في باطن الأرض بما حباه الله سبحانه و تعالى من نعمة البصر الحاد ، و قد كانت العرب قديماً تقول أبصر من هدهد ، و للهدهد طريقة في إبعاد المتحرّشين و المعتدين من الأعداء حيث يطلق مادةً زيتيّةً سوداء رائحتها كريهة تبعد عنه و عن أطفاله كلّ دخيل ، و هو قادر إلى جانب ذلك على التّخفى و تغيير شكله حين يهوي فجأةً نحو الأرض ليغيّر من شكله و كأنّه مخلوقٌ برّي ، و الهدهد يسعى لرضا زوجته و استمالتها بأساليب غايةٍ في الرّقّة ، حيث يتقدّم إليها محضراً هديةً لها و هي في الغالب يرقة ، فيحنى رأسه لتقبل منه هذه الهدية ، فتتمنّع الأنثى عنه بدلالٍ ، و تشيح ببصرها يمنةً و يسرةً بعيدا عنه ، ثمّ أخيراً تقترب منه لتلتقط الهديّة منه فتأكلها و تكون مقدّمةً للمعاشرة بينهم و التّفقيس .
و قد أكرم الله سبحانه و تعالى نبيّه سليمان عليه السّلام بأن علّمه منطق الطّير و الحيوان ، فكان قادراً على مخاطبتهم و السّماع منهم و التّحدث إليهم ، و قد تفقّد يوماً مجلسه فلم يجد طائر الهدهد ، فسأل عنه و توعّده بالعذاب الشّديد ، و قد حضر بعدها الهدهد إلى مجلس سليمان جالباً معه أخباراً عن مملكة تسمّى سبأ ، تحكمها ملكة تسمّى بلقيس ، و قد كانوا يعبدون الشّمس من دون الله ، فكان الخبر اليقين من الهدهد هو الشّافع له عند سليمان عليه السّلام ، لذلك لقب الهدهد بأبو الأخبار ، فسبحان الله الذي ظهرت آيات عظمته و قدرته في خلقه و في الآفاق .