المعلّم
إنّ مهمة المعلم من المهام السامية وذات التأثير ونتائج الفعال والبليغ على حياة البشر منذ نشأة العالم وإلى وقتنا الحالي، فالمعلم هو الذي يُبيّن ويهدي ويرشد ويُفسّر ويوضّح لنا كافة الأمور التي قد تتشابه في حياة الناس، حيث تختلط عليهم فلا يعرفون تعرف ما هو الخطأ وتعرف ما هو الصواب، وتلك أيضاً هي مهمة الرسل أجمعين، فإن كل رسول أو نبي هو معلم في الدرجة الأولى، معلمٌ لقومه وللناس الذين أُرسل إليهم، ورسولنا الكريم محمد –صلى الله عليه وسلم- هو المعلم والهادي للبشرية جمعاء.
أي شخص منا قد يتعرض لأن يكون معلماً، فأنت لو أصبحت في مقام الأب تكون معلماً لأبنائك، وإن كنت أخاً كبيراً فأنت المعلم لإخوتك الصغار، وكذلك شيخ الجامع أو رجل الدين فهو معلم للذين يسمعون إليه، وقد تكون وظيفتك الأساسية هي أصلاً (معلم) لو سلكت طريق التربية في الجامعة أو الكلية، فأنت وقتها سوف تُعلّم النشأ والأجيال، لذا فإنها مهمة بالغة الخطورة والأهمية وفائدة لكونها تُأثر على عقول وأفكار الناس، خاصة وإن كانوا طُلاباً وتلاميذ مواظبين في إحدى المدارس، فسوف تكون أنت القائم على بناء وتشكيل عقولهم، والتأثير ونتائج على قلوبهم وعواطفهم كذلك، فإن كل ما تلقيه عليهم من معارف ونصائح وكلمات، وكل ما تقوم به من تصرفات يؤثر عليهم تأثيراً بالغاً حيث سيعتبرونك وقتها القدوة التي يجب اتباعها والتركيز على ما تقوله من كلام وعلى ما تقوم به من أفعال، لفكرةٍ راسخة في عقولهم هي أن المعلم على صواب وحق دائماً.
مفهوم وتعريف ومعنى التعليم والمعلّم
إن التعليم هو عملية تنمية الشخص في كافة النواحي العلمية والفكرية والنفسية والاجتماعية وتجعله ذا دور فعّال وواضح وإيجابي في البيئة التي يعيش بها، لهذا وتبعاً لذلك التعريف ومعنى يكون المعلم هو الشخص الذي يمارس أو يقوم بتلك العملية والمتعلم هو الذي تقوم عليه العملية، أي تقع عليه ويتشرب نظرياتها ويكون هو محورها لأن النتائج منوطةٌ به. لكن هل باستطاعة أي شخص أن يكون معلماً ؟ طبعاً لا، فالذي يود أن يكون معلماً لا بدّ أن تتوافر فيه شروطٌ معينة، فإن عُدمت فإنه لا يصلح، وإذا حدث وتقمص ذلك الدور دون الشروط فلا ريب من أنه سيكون معلماً فلاشلاً. ومن تلك الشروط:
شروط يتمتع بها المعلّم
- الاستعداد التام للعملية التعليمية وتحمل كافة النتائج الناجمة عنها.
- القدرة على وضع الحلول للمشاكل وعيوب الممكن وقوعها.
- وجود خلفية سيكولوجية ومعرفية وعلمية جيدة.
- التهيئة التربوية.
- التحلي بالأخلاق الحميدة، وأن تكون إنساناً سوياً وقويماً.
- توافر بعض المهارات الخاصة مثل القدرة على السيطرة أو الخطابة.
الآن وبعد توافر تلك المواصفات في شخصٍ ما، قرر أن يمارس عملية التعليم، فإن الأمر لا يقف عند ذلك الحد؛ حتى وإن توافرت الشروط فإن العملية بعد ذلك قد تنجح .. وقد تفشل كذلك، لذا يجب على المعلم أن يراعي تنفيذ عملية التعليم بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق نجاحها وتحقيق الأهداف المرجُوّة منها، فكيف نحكم على العملية أنها فشلت أو أنها قد نجحت، الإجابة سهلة وبسيطة: فإن أحدثت العملية التنمية المطلوبة، والتغيير المطلوب على المتعلم فهي تُعتبر ناجحة، وغير ذلك فهي عملية فاشلة، فما الذي يجب على المعلم حتى يكون ناجحاً في قيادة عمليته التعليمية ؟
مواصفات المعلم الناجح
- على المعلم أن يمتلك الأساليب المتنوعة أثناء ممارسة مهنته وأن لا يكتفي بطريقة واحدة بل أن يغير ويبدل حتى يقتل الرتابة والملل الذي قد يتولد عند المتعلمين.
- تحديد الأهداف التعليمية التي يجب أن يحققها المتعلمين قبل بداية العملية، واختيار الأسلوب المناسب لكل هدف.
- أن يكون شديد الثقة بنفسه وبمحاوراته مع المتعلمين، وهذا لا يعني إهمال آرائهم.
- أن يكون واسع الاطّلاع والثقافة ومتأكداً مما لديه من معلومات وأن يكون ملماُ بكافة التفاصيل المتعلقة بالموضوع الذي يعلّمه.
- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، حيث يضمن بذلك أن المعلومات والمعرفة قد وصلت غليهم بالشكل المرغوب.
- الخبرة بالشخصيات والمقدرة على التحليل النفسي والاجتماعي من أجل معالجة المشكلات التي توجهه بالطرق ووسائل المناسبة والصحيحة.
- التغيير في عملية التعليم حسب ما يتطلبه الموقف التعليمي، لربما يطرأ أمر في البيئة التعليمية أثناء حدوث العملية يجعل من الأسلوب المُتّبع غير مجدي، أو لا يحقق الهدف تماماً، هنا يجب تغييره بأسلوب آخر مناسب للموقف الجديد.
- التخطيط الدائم لعملية التعليم من أجل تجنب عدم الوقوع في العشوائية وكذلك من أجل الإجابة عن أية أسئلة مفاجئة قد يتعرض لها المعلم من المتعلمين، فالجاهزية التامة لعملية التعليم تجعلها ليّنة وتُبعد عنها التعقيد.
- ربط عملية التعليم بالواقع وبالمجتمع والبيئة التي يعيش فيها المتعلم حتى يمكنه التكيف مع أي تغيّرات قادمة.
- استخدام التكنولوجيا حيث يجعل ذلك من المادة المُراد توصيلها مُحببة إلى نفوس المتعلمين، ويزيد من فرصة فهمها وإدراكها، أيضاً استخدام الوسائل التعليمية المُتاحة.
- القيام بالرحلات الميدانية وجعل المتعلمين يخوضون التجربة بأنفسهم، لأن ذلك يُقوي من قدراتهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم.
- تقليص المسافة الواسعة بين المعلم والمتعلم، وذلك من خلال مشاركتهم في أمورهم الخاصة والتقرب إليهم ومحاولة تمكين الود بين الطرفين، فإن المتعلم لو أحب معلمه سيسعى جاهداً إلى النجاح وإلى إبراز طاقته الكامنة.
- عدم الاهتمام بفرد معين أو حتى أكثر دون الباقين، بل لا بدّ أن يكون الاهتمام موزعاً بين المتعلمين، فمتى شعر المتعلم بأن المعلم لا يهتم به زاد ذلك من إحباطه، ومتى اهتم به كان ذلك مدعاة لنشاطه وجهده.
بذلك نرى أن المعلم هو المسؤول الأول والوحيد عن نجاح العملية التعليمية، ولا يعتمد فقط على شروط معينة للوصول إلى النجاح، بل عليه أن يبحث ويبحر في قراءاته حتى يواكب الحديث والمتطور من الأساليب والوسائل والأدوات التي تساعد في إتمام العملية بالشكل المرغوب، ومن أجل تحسين جودتها، وأيضاً أن يجتهد ويبتكر من عنده فلا يكن ملتزماً وملزوماً بقواعد ونظريات مكتوبة، فإنّ كل نجاح وتفوق للمتعلم هو مردودٌ بعضه أو جزء منه إلى المعلم، فيقول الناس: إنه معلم ناجح!