البحث عن نعيم الجنة

بشّر الله سبحانه وتعالى عباده المخلصين بعبادته والصادقين بجنات النعيم التي أبدع في خلقها ليجازيهم على حسن أقوالهم وأفعالهم، وجعل الله تعالى الجنة المكان الذي يلقى فيه العبد المؤمن كل ما تشتهيه نفسه من طيبات وشهوات ابتعد عنها في حياته الدنيا تقرّباً من الله تعالى وطمعاً بثوابه وخوفاً من عقابه، والجنة مخلوق من مخلوقات الله كالأرض والسماء وغيرها، ووردت في القرآن الكريم بعدة أسماء ومنها جنة الفردوس ودار الخلد و المقام الأمين وجنات العدن ودار السلام.

ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وصف وشرح مطول عن الجنة وخلقها وما تحتويه من مكافئات ونعم وجوائز للعبد المؤمن، فتبلغ الجنة من حيث المساحة ما عرضه السموات والأرض، ولا نقصد بالسماوات السماء التي نراها بل السماوات السبع مجتمعةً معاً، وفيها من الجنان والأشجار والأنهر والوديان ما لا يخطر على بال بشر، فأنهارها تختلف عن أنهر الأرض، فبدلاً من الماء يجري فيها الخمر لكن خمر الجنة يتميز عن خمر الأرض بأنه حلو المذاق ولا يذهب العقل، وأنهر لا تجف من اللبن والعسل، كما تحتوي على مساكن للمؤمنين مشيّدة من اللؤلؤ والذهب والفضة، لا ينقطع فيها الطعام ولا الشراب وكل ما عليك أن تفعله هو أن تتمنّى ما تشتهي ليأتي لك على أطباق من ذهب، كما تحتوي الجنة على اجمل وافضل ما شاهدة العين من الأشجار الدائمة الخضرة والظل.

يختلف طبع سكان الجنة عما كانوا عليه في الحياة الدنيا، فتتطهر قلوبهم من مشاعر الدنيا من حقد وحسد وكراهية وبغضاء للغير، ففي الجنة جميعهم إخوة لا ينظر أحد منهم إلى الآخر إلّا وأحبه، ولا يخرج من أفواههم إلّا الكلام الطيب الحسن، والمؤمن في الجنة يكون مرتاح البال من الهموم التي ثقلت أكتافه في الحياة الدنيا فلا ينشغل بطلب الرزق أو تنظيف المسكن وغيرها من هموم الحياة الدنيا، بل يعيش مرتاح البال مطمئن بدون أن يشعر بالهم أو الرهق أو الحزن أو اليأس، وتمتد هذه الراحة إلى الأبد فمن يدخل الجنة لا يخرج منها أبداً.

يتوحّد أعمار الناس في الجنة، فيكون جميع أهل الجنة في بداية الثلاثينات، يلبسون ما يشاءون من ملابس مخاطة من الحرير الطبيعي ومحلاة بالاستبرق ومزينة بالسندس، ويعيشون فيها بأمان مع أزواجهم، ويقصد بأزواجهم الحور العين شديدات الجمال والفتنه خلقها الله لهم ثواباً على ما صنعوا من خير في الحياة الدنيا، ويقوم على خدمتهم غلمان مكرمون يفعلون ما يطلب منهم دون جدال أو نقاش.