إنّ علامات و دلائل السّاعة أو أشراط السّاعة: هي الأحداث التي تقع قبل قيام السّاعة، والسّاعة: هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وعلامات و دلائل السّاعة هي من الأمور الغيبيّة التي لا يمكن أن نعرفها إلا بنصوص الكتاب والسّنة الصّحيحة، ومن تلك العلامات و دلائل ما أخبر به ربّنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم، ومنها ما بيّنها رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فيما صحّ عنه من الأحاديث، ومن تلك العلامات و دلائل ما ظهر وانقضى، ومنها ما ظهر وما زال ظاهراً، ومنها ما لم يظهر حتّى الآن، وفي هذا المقال سنتطرّق إلى علامات و دلائل السّاعة الصّغرى بأشكالها.
تعرف على ما هى علامات و دلائل الساعة الصغرى
إنّ علامات و دلائل السّاعة الصّغرى تقسم إلى عدّة أقسام، وذلك حسب ظهورها، فمنها ما ظهر، ومنها ما يزال مستمرّاً، ومنها ما لم يأتِ بعد، وهي على وجه التّفصيل على النّحو التالي:
علامات و دلائل الساعة التي وقعت
والمقصود بذلك هو علامات و دلائل السّاعة التي انقضت ووقعت، ولن تتكرّر مرةً أخرى، ومنها:
- بعثة الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - ووفاته: فإنّ من أشراط السّاعة الصّغرى مبعث النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - ووفاته، ففي الحديث عند البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال:" رأيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال بإصبعيه هكذا، الوسطى والتي تلي الإبهام. وقال: بعثت أنا والسّاعة كهاتين ".
- انشقاق القمر: هناك اتفاق بين العلماء على أنّ القمر قد انشقّ في زمن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - وتعتبر هذه واحدةً من معجزات النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - وقد ورد ذكر ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى:" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ - وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ "، القمر/1-2.
- نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى: فقد ورد عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" لا تقوم السّاعة حتّى تخرج نارٌ من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى "، رواه البخاري.
العلامات و دلائل التي وقعت
وهي العلامات و دلائل التي مازالت مستمرّةً في الحدوث، أو أنّها قد وقعت مرّةً في السّابق ومازالت تتكرّر حتّى الآن، ومنها:
- ظهور الدجّالين وأدعيَاء النبوَّة: فقد أخبر النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه سيخرج فيه هذه الأمّة من الدّجالين من يدّعي النّبوة، وأنّ عددهم سيكون قريباً من ثلاثين دجّالاً، وفي بعض الأحاديث أوردهم بعدد سبعة وعشرين، والمقصود بذلك هم من يثيرون الفتن، ويتّبعهم الجهلاء من النّاس، حيث يغترون بكلامهم الباطل، وأمّا من ادّعوا النّبوة ولم يعرهم النّاس أيّ اهتمام فهم كُثر.
وقد ورد في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" لا تقوم السّاعة حتى يبعث دجّالون كذّابون، قريب من ثلاثين، كلّ يزعم أنّه رسول الله ".
- التّحذير من الفتن: فرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - مطلع على البلايا والفتن التي ستصيب الأمّة من بعده، ولذلك فقد حذّر الصّحابة وأطال عليهم في ذكر الفتن، وبيّن لهم كيفيّة الخروج منها، يقول أبو زيد عمرو بن أخطب:" صلّى بنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتّى حضرت الظهر، فنزل فصلّى، ثمّ صعد المنبر، فخطبنا حتّى حضرت العصر، ثمّ صعد المنبر، فخطبنا حتّى غربت الشّمس، فأخبرنا بتعرف ما هو كائن، فأعْلَمُنا أحفَظُنا "، رواه مسلم.
- إسناد الأمر إلى غير أهله: وهو أن يوسّد الأمر إلى غير أهله، وهذا من أشراط السّاعة، حيث أنّ الأمر يعطى لمن لا يستحقّه من النّاس، فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:" بينما رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في مجلس يُحَدّث القوم، إذ جاءه أعرابيّ، فقال: متى السّاعة؟ فمضى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في حديثه، فقال بعض القوم: سمع ما قاله، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه: قال: أين السّائل عن السّاعة؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: إذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة ".
- ولادة الأمة ربّتها، وتطاول الحفاة العراة رعاة الشّاة في البنيان: حيث روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مجيء جبريل إلى الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - في صورة رجل يلبس الملابس البيضاء النّاصعة، له شعر شديد السّواد، وسأل الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، وأجابه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ سأله عن السّاعة، فقال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:" ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل، قال فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة رِعاء الشّاءِ يتطاولون في البنيان "، رواه مسلم.
- الخسف والقذف، وَالمسخ الذي يعاقب الله به أقواماً من هذه الأمّة: حيث أنّه يقع على الأمّة انواع من الابتلاء، والخسف، والمسخ، وذلك بسبب الذّنوب والمعاصي التي يقوم بها النّاس، مثل شرب الخمر، والزّنا، وأكل الرّبا، وما إلى ذلك من الفساد الذي يصل إلى أن يستحلّ به النّاس الحرام، فقد ورد في معجم الطبراني الكبير بإسناد صحيح عن سهل بن سعد، أنّ الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" سيكون في آخر الزّمان خسف وقذف ومسخ، إذا ظهرت المعازف والقينات، واستحلت الخمر ".
- استفاضة المال: فإنّ من علامات و دلائل السّاعة أن يكثر المال، حيث أنّ الرّجل يعطى المائة دينار من الذّهب فيراها قليلةً، ويبحث صاحب المال عن رجل فقير يقبل منه صدقة ماله فلا يجد، فقد قال الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - لعوف بن مالك، وكان آن ذاك في غزوة خيبر:" اعدد ستّاً بين يدي السّاعة، فذكرها، ومنها استفاضة المال، حتّى يعطى الرّجل مائة دينار فيظل ساخطاً "، رواه البخاري.
العلامات و دلائل التي لم تقع بعد
- عودة جزيرة العرب جنّات وأنهاراً: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" لا تقوم السّاعة حتّى يكثر المال ويفيض، حتّى يخرج الرّجل زكاة ماله، فلا يجد أحداً يقبلها، وحتّى تعود أرض العرب جنّات وأنهاراً "، رواه مسلم.
- انتفاخ الأهلّة: وهذا واحد من الأدلة على قرب السّاعة، حيث يرى الهلال عند بداية ظهوره كبيراً، حتّى يقال ساعة خروجه إنّه لليلتين أو ثلاثة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من اقتراب السّاعة انتفاخ الأهلة "، رواه الألباني.
- تكليم السّباع والجمَاد الإنسَ: فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري، قال:" عدا الذّئب على شاة، فأخذها، فطلبه الرّاعي، فانتزعها منه، فأقعى على ذنبه، قال: ألا تتّقي الله تنزع منّي رزقاً ساقه الله إليَّ، فقال: يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس، فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد - صلّى الله عليه وسلّم - بيثرب، يخبر النّاس بأنباء ما قد سبق. قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه، حتّى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثمّ أتى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فأخبره، فأمر رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فنودي بالصّلاة جامعة، ثمّ خرج، فقال للراعي: أخبرهم، فأخبرهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: صدق، والذي نفسي بيده لا تقوم السّاعة حتّى يكلم السّباع الإنس، ويكلم الرّجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما حدّث أهله بعده "، أخرجه ابن حبّان.
- انحسَار الفرات عن جبل من ذهب: فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" يوشك الفرات أن يَحْسِرَ عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً "، وفي رواية " يَحْسِر عن جبل ذهب "، وفي رواية عند مسلم:" لا تقوم السّاعة حتى يَحْسِر الفرات عن جبل من ذهب يَقْتُل النّاس عليه، فَيُقْتل من كلّ مائة تسعة وتسعون، ويقول كلّ رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو ".
- خروج المَهدي: فقد ثبت في الأحاديث الصّحيحة أنّ الله سبحانه وتعالى سيبعث في آخر الزّمان خليفةً يحكم بين النّاس بالعدل، وهو الذي سيلي أمر هذه الأمّة من آل بيت الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - من سلالة فاطمة، واسمه يوافق اسم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، واسم أبيه اسم أبي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد ذكر وصفه في الأحاديث بأنّه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض عدلاً، بعد أن ملئت جوراً وظلماً، فعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" لا تذهب الدّنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي "، رواه الترمذي وأبو داود، وفي رواية لأبي داود: قال:" لو لم يبق من الدّنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث الله فيه رجلاً مني - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً ".
المراجع
بتصرّف عن كتاب القيامة الصغرى/ عمر بن سليمان الأشقر العتيبي/ دار النفائس للنشر والتوزيع- الأردن/ الطبعة الرابعة.