بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،
الندوة في أصل اللغة مأخوذة من ندا يندو؛ أي يتجمع. والندوة: هي الجماعة، أو التجمع والاجتماع لمجموعة من الأشخاص بغرض التباحث والتناقش في موضوع معين. وللندوة تسميات أخرى، ومنها: (المؤتمر)، أو (حلقة بحث). ويُقَال للمكان الذي تُعْقَد فيه هذه الندوة: (النَّدِي)، أو (دار الندوة)، أو (مجلس الندوة)، أو ما شابه ذلك من المصطلحات. وتترجم الندوة إلى اللغة الإنجليزية بعدة مصطلحات، ومنها: (Symposium) أو (Colloquium) أو (Seminar) أو (Conference).
تُعْقَد الندوة بين مجموعة من الأشخاص، يترأسهم في العادة شخصٌ معين، ويكون للندوة موضوع معين للنقاش والبحث وتبادل الآراء، أو عدة مواضيع مختلفة أو مترابطة، فإما أن تكون المواضيع سياسيةً، أو اقتصاديةً، أو اجتماعيةً، أو أدبيةً، أو غير ذلك. ويكون للندوة زمن معين، وقد تعقد الندوة في يوم واحدٍ ويتم الانتهاء منها في ذلك اليوم، وقد تستمر الندوة لعدة أيام أو أكثر حيث يكون لها جلسات عديدة على فترات زمنية مختلفة.
وفي الحقيقة للندوة ثلاثة عناصر أساسية لا تقوم إلا بها، وهي:
أما بقية العناصر فهي في الحقيقة عناصرٌ تكميلية تزيد في فرصة نجاح الندوة في حال توفرها، وهذه العناصر هي:
فوجود هذه العناصر يزيد في فرصة نجاح الندوة، وتحقيق أهدافها المرتقبة. كما أن الاعتناء بكل العناصر السابقة الأساسية منها والتكميلة، والحرص على كفائتها يزيد أيضًا من فرصة نجاح الندوة، كاختيار المدير الذي يكون صاحب خبرة ومهارة في إدارة الندوات، ووضع الخطة التي تكون على درجةٍ عاليةٍ من الدقة والإتقان، واختيار المكان الاحسن وأفضل للندوة، وإعداده وتهيأته ليتناسب والندوة التي ستُعْقَد فيه، بالإضافة لوجود الأعضاء المشاركون الذين يكونون على خبرة ودراية بالموضوع الذي سيتم التباحث فيه خلال الندوة.
وقد عُرِفَت الندوات قديمًا في أيام الجاهلية، حيث يقول المؤرخون بأنه: عندما استولى قصي بن كلاب على مكة وتزعم قبيلة قريش، أسس فيها دارًا سميت بـ (دار الندوة)، حيث كان قصي يسكن في هذه الدار، ويجتمع فيها مع شيوخ قريش وحكمائها لمناقشة أحوال القبيلة وإدارة شؤونها. وقد بقيت هذه الدار حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث عقدت قريش فيها عدة اجتماعات للتباحث في شأن هذه الدعوة الجديدة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.