الفن المعماريّ
كثيرة هي الأماكن المعماريّة الهندسيّة التي ابتدعتها يد البشر وأصبحت معلماً تاريخياً لا ينسى، وبصمة مميّزة للمكان الذي شيّدت فيه، فالأهرامات المصريّة رمز لدولة مصر العريقة وإبداعات الفراعنة في البناء والتشييد، وقصر الحمراء في إسبانيا معلماً تاريخيّاً ودليلاً أثرياً على وجود العرب في هذه البلاد في يوم من الأيام. في مقالنا هذا سنتعرّف على معلم حضاريّ شهد الكثير من المشاهد التاريخيّة التي كانت سبباً في تغيير مجرى التاريخ، ألا وهو "قصر فيرساي"، فاين يوجد ويقع هذا القصر؟ وما الذي يميّزه؟
موقع قصر فيرساي
قصر فيرساي والذي يسمّى أيضاً "شاتو دي فيرساي"، هو قصر ملكيّ من أهمّ القصور الملكيّة في دولة فرنسا، ويقع في مدينة فيرساي التي توجد تحديداً على بعد خمسة وعشرين كيلومتراً في غرب مدينة باريس، وقد أمر الملك لويس الثالث عشر بتشييد بناء صغير ليكون منزلاً له يلجأ إليه للصيد قريباً من الأدغال في قرية فيرساي وذلك في عام ألف وستمئة وأربعة وعشرين ميلادي، ثمّ في عام ألف وستمئة واثنين وثلاثين أمر مرّة أخرى بتوسيع هذا المنزل الصغير. في عام ألف وستمئة واثنين وثمانين أمر الملك لويس الرابع عشر بتشييد قصر كبير مكان هذا المنزل، وقد انتقل الملك للعيش فيه بدلاً من باريس، ليصبح مقراً للعائلة الحاكمة التي أجبرت فيما بعد على العودة إلى باريس العاصمة في عام ألف وسبعمئة وتسعة وثمانين ميلاديّة، ومع ذلك فإنّ هذا القصر بقي المركز الأوّل للسلطة الحاكمة في فرنسا منذ القدم، ورمزاً لا يخفى على ملك الشمس "الملك لويس الرابع عشر"، وبعد مئة عام عاد إليه الملك لويس السادس عشر، والذي أخرج منه بالقوّة في زمن الثورة الفرنسيّة وسميّ القصر حينها بـ "مهد الحريّة"، وحينها بيعت الكثير من تحف القصر، وتمّ إعلانه في عام ألف وثمانمئة وثلاثة وسبعين متحفاً أثرياً تاريخياً إلى يومنا هذا.
هذا القصر يعتبر من أفخم وأرقى قصور العالم أجمع، وفي قاعة كبيرة تسمى قاعة المرايا، والتي يوجد فيها سبع عشرة مرآة تعكس سبع عشرة نافذة، وتطل هذه القاعة على الحدائق، وقد تمّ تصنيفه على أنّه رمز معماريّ فنيّ رائع ويعتبر من مواقع التراث العالمي كما تصنفه "اليونسكو، كما ويوجد في القصر آلاف من اللوحات الفنيّة الشهيرة والثمينة، ويعمل فيه أكثر من عشرة آلاف موظّف، ولهذا القصر حدائق كبيرة وشاسعة تعدّ ضمن القصر، وتمتدّ على حوالي ثمانمئة هكتار، وفيها حدائق البرتقال، ونافورة "لاتونا، ونافورة "أبولو"، وكهف "أبولو"، ويزور هذا القصر وحدائقه الملايين من السياح سنويّاً.