مقدمة
يطمح كثير من الناس إلى أن يكون أطفالهم بصحة جسدية ونفسية جيدة، ومما قد يثير قلق أو انزعاج الوالدين هو أن يفتقر طفلهما إلى الثقة بنفسه، فلا يندمج مع الآخرين، ولا يملك الجرأة ليتحدث أمام الآخرين، وقد يتراجع مستوى تحصيله الدراسي، وقد يشعر بالرهبة والخوف من الذهاب إلى المدرسة أو من مخالطة الآخرين، ويحتار الوالدان في طريقة تعزيز ثقة الطفل بنفسه، والحقيقة أن هناك الكثير من الطرق ووسائل لمعالجة هذه المشكلة التي يسهل التغلب عليها في سن صغيرة والتي يفضل أن تتم معالجتها في الطفولة قبل أن تصبح طبعاً لديهم عندما يكبرون، وهنا بعض ما يمكن أن يفعله الوالدان ليزرعوا الثقة في أطفالهم:
امدح طفلك
من المهم جداً أن تمدح طفلك دائماً وأن تثني عليه خصوصاً عندما تراه يفعل شيئاً حسناً كمساعدة أخيه الصغير أو ترتيب ألعابه أو طاعة أحد الوالدين، فذلك يعزز المشاعر الإيجابية لدى الطفل، ويخطئ كثير من الآباء والأمهات في تربية أطفالهم حيث يتصيدون لهم الأخطاء ويعاتبونهم على فعلها بل وقد يعاقبونهم عليها، أما عندما يرون أطفالهم يفعلون أشياء جيّدة فإنهم يتجاهلون أن يقولوا لأطفالهم بأنهم قد أحسنوا صنعاً، فشعورك بالرضا عن أبنائك لا يكفي، بل يجب عليك أن تقول لهم ذلك باستمرار وكلما فعلوا أمراً يستحقون الثناء عليه. ومن المهم أيضاً أن تمدح طفلك أمام الآخرين، ومدح الطفل أمام الآخرين يأتي في المرحلة الثانية بعد مدح الطفل بينك وبينه أو على مسمع من أحد والديه أو أمام إخوته، فإن لم تكن تعطي طفلك ما يكفي من الدعم لنفسي في البيت، فإنه لن يقتنع في حال مدحته أمام الآخرين بل على العكس قد يزيد ذلك من انطواء طفلك ويثير في داخله الكثير من الأسئلة خصوصاً إذا لم تكن تمدحه دائماً، ولا شك أن المديح أمام الآخرين أمر مهم جداً ويعزز ثقة الطفل بنفسه، ويجعله ممتناً لك حتى وإن لم يستطع أن يعبر لك عن ذلك، ولكن يجب أن يأتي مدح الطفل أمام الآخرين كخطوة ثانية كما أسلفنا.
اطلب رأيه
أحد الطرق ووسائل التي تعزّز ثقة الطفل بنفسه هي أن يقوم الوالدان باستشارة الطفل وسؤاله عن رأيه في الأمور التي يمكن إشراكه فيها، بهذه الطريقة يشعر الطفل بأهميته، ومن الشعور بالأهمية وفائدة تنبع الثقة بالنفس، أما الطفل الذي يشعر بأن وجوده غير مهم وأنه غير مرغوب فيه فإنه يصبح انطوائياً وتقل ثقته بنفسه، وسيؤثر ذلك على مستقبله وعلى شخصيته، فشخصية الطفل تبنى منذ الصغر وتستمر في التبلور حتى آخر يوم في عمره، ورواسب الطفولة تؤثر بشكل كبير على الإنسان، فإن كان والدا الطفل يستشيرانه في بعض الأمور ويشركانه فيها ويشعرانه بأنه فرد مهم وأن رأيه يمكن أن يصنع فارقاً فإنّ الطفل سوف يكبر لتصبح شخصيته قوية وليصبح واثقاً من نفسه ومن أهميته. وترجع الأمور التي يمكنك أن تستشير طفلك فيها إلى عمر الطفل، وغالباً ما تتضمن المواضيع التي يمكن أن تستشير فيها طفلك اختيار مكان للنزهة بأن تخيره بين عدة أماكن، أو طلب رأيه في لون قميصك، أو أن تسأله عن رأيه في فيلم كرتوني شاهدتماه سوياً أو أن تخيره بين عدة خيارات لغداء العائلة، فهذه الأمور التي قد تبدو بسيطة إلا أن لها أثر كبير، واحرص على تلبية رغبة طفلك بعد أن تطلب رأيه وأن تبدي احترامك لهذا الرأي وإن كان مخالفاً لما تعتقد.
علّمه مهارة ما
تنبع ثقة الإنسان بنفسه عادة من قدرته على الإنجاز وعلى الاستفادة مما لديه من مهارات، وهذا الأمر ينطبق بشكل كبير على الأطفال، فالطفل الماهر في الغناء أو في السباحة أو في كرة القدم يكون أكثر ثقة من غيره إن لقي الدعم الكافي والتشجيع المستمر والمدح من والديه ومن الآخرين، وتقع مسؤولية اكتشاف مواهب الأطفال على الوالدين، فالطفل لوحده لا يستطيع أن يدرك أن هذه موهبة عليه أن ينميها، فمن واجبك كوالد إذا رأيت من طفلك بذرة إبداع في مجال معين أن تشجّعه وتبدي استحسانك لهذه الموهبة أو المهارة وأن تتبنّى موهبته وتفعل كل ما بوسعك لتنميها، فقد يرسم طفل ما لوحة تنمّ عن موهبة في الرسم وتكون أكبر من عمر الطفل فإن لم يلق الوالدين بالاً لهذه الرسمة فقد تضيع موهبة كان من الممكن أن تصبح عظيمة، وهذا يحصل كثيراً خصوصاً مع عدم قدرة الآباء والأمهات على تقدير تعرف ما هو سابق لعمر الطفل من مهارات ومواهب، وتشتمل الأمور التي يمكن أن يتعلمها طفلك الرسم والسباحة والغناء والعزف ورقص الباليه وفن الإلقاء وفن سرد القصص والاستعراض و التمثيل وغيرها الكثير، وتذكر أن طاقات الإنسان ومواهبه ليس لها حدود.
علّمه تحمل المسؤولية
يمكن تدريب الطفل تدريجياً على تحمل المسؤوليات الصغيرة التي يستطيع تحملها، واحرص على أن تنمّي فيه الاعتماد على نفسه في أمور معينة، وتعتمد طبيعة هذه الأمور أيضاً إلى عمر الطفل وإلى قدرته على تقبل هذه المسؤوليات والقيام بها، يمكنك البدء بتعليمه أنه مسؤول عن ألعابه بأن يحافظ عليها وأن يرتبها بعد أن ينتهي من اللعب بها، فإن وجدت أنه ملتزم بذلك فاحرص على تشجيعه والثناء عليه وإخباره أنك فخور به وأنه شخص مسؤول يمكنك الاعتماد عليه، أما إن وجدت منه التقصير فعليك أن تالبحث عن سبب التقصير فربما يكون السبب في عدم جاهزية الطفل بعد على تحمل هذا النوع من المسؤوليات، ويمكنك الحديث مع طفلك بهدوء وتفهّم وأن تدعه يشرح لك ما هى اسباب عدم قيامه بهذه المسؤولية، واجعله يعدك بأن يقوم بها في المرة القادمة، ويمكنك التدرج بعد ذلك في المسؤوليات كأن تجعله يعتمد على نفسه في ارتداء ملابسه أو حذائه وفي غسل يديه وتناول الطعام وحده وغيرها من الأمور. وشجع طفلك كلما وجدت منه التزاماً بالمسؤولية فالتشجيع هو ما يبني ثقة الطفل بنفسه، أما لوم الطفل دائماً على تقصيره وعدم تحمله للمسؤولية فإنه يدمر شخصية الطفل الحساسة في هذه المرحلة.
ويمكنك أن تبدأ بخوض التجربة مع طفلك من الآن لتكتشف الكثير من الأمور التي يمكنك بها أن تزيد من ثقته بنفسه تبعاً لشخصيته ولمرحلته العمرية، واعلم أن الثقة بالنفس تبنى في الصغر وأن الوالدين هما من يتحملان على عاتقهما هذه المسؤولية، فإما أن يخرجا طفلاً سليماً نفسياً وواثقاً من نفسه ومن قدراته أو أن يحطما شخصية الطفل ليخرج إلى المجتمع طفل يائس ومنعزل يشعر دائماً بالفشل والنقص وبكونه عالة على الآخرين، فكن حذراً واحرص دائماً على مدح طفلك دائماً على انفراد وأمام الآخرين واحرص على أن تبتعد عن نقد طفلك وعن التعليقات السلبية خصوصاً أمام الآخرين، واحرص كذلك على أن تطلب رأي طفلك في الأمور التي يمكن أن تشركه فيها، ومن المهم أن تعلم طفلك مهارة ما أو أن تنمي موهبة لديه لتنبع ثقته بنفسه منها، وتذكر أن تبدأ بتعليمه تحمل المسؤولية تدريجياً لتبني طفلاً واثقاً من نفسه يمكنك أن تفخر به.