قال تعالى : " وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " . النحل 68 - 69
لا يقع الا على طيب، شغالات ، عاملات ، مربيات ، حارسات ، مهندسات ، كيمائيات ، وذكور ... يرأسهم قائد وزعيم قوي .. إنها الملكة في ذلك العالم المتكامل والدقيق والمنظم الذي لا يعرف الملل ولا حتى الكلل ، كُلٌ له وظيفته وعمله الذي يعرفه جيداً ، من تلك المملكة الرائعة التي خلقها ربي وكونها بأعظم واجمل وافضل صورة فلنتعلم منها اجمل وافضل السلوكيات ونظييفها إلى حياتنا .
النحلة هي حشرة صغيرة، لها زوجان من الأجنحة ، تتغذى على رحيق الازهار وحبوب الطلع، وظيفتها إنتاج العسل وشمع النحل والتلقيح ، خُلِقت في مجتمع متعاون مليء بالطاقة والنشاط ، يعيش النحل في بيوت صغيرة ومساكن أعدتها بنفسها بطريقة وبشكل هندسي منظم ، تُسمى مملكة النحل أ و خلية النحل، هذه المملكة الصغيرة التي اعتادت على التعاون والنشاط والعمل الدائم والإنتاج المستمر، فهي تصحو مبكراً لأداء واجباتها كُلٌ على حسب اختصاصه يؤديه بنشاط وعمل لا ينقطع ، فهي تمثل اجمل وافضل صور النشاط والعمل الجاد والمتكامل كما علينا نحن البشر الاقتداء بهذا المخلوق الصغير الذي لا يعرف طعم التعب .
كما أن انتاجية العمل لديها كبيرة جدا نظراً لنشاطها الدائم الذي لا يتوقف ، فهي تعمل بروح الفريق على شكل مجموعات، كما ويمنع وجود نحلة لا تعمل فقد يكون ذلك سبب في قتلها حيث يمنع الكسل داخل المملكة ، وعند فشل أو عدم قدرة احدى النحلات تأدية وظيفتها تساعدها النحلات الأُخريات في ذلك حتى لا يقل الإنتاج . النحل مخلص في عمله ، ويؤديه بهدوء تام وخفية ، فهي بهذا ترسل لنا رسالة مفادها إن عليكم الإخلاص في كل أموركم وأعمالا أو أقوالا فالأخلاص هو قارب النجاة من الغرق في بحر الرياء .. أما عن طريقة عيشه فهو يعيش على شكل " جماعات " يحكمها نظام محكم ودقيق تتوزع فيه الإختصاصات والأعمال في تكافل عجيب وفريد من نوعه ، فإن انعزلت أحداها عن جماعتها لسبب فإنها تسارع بالانضمام إلى مجتمع آخر وإلا فإنها تموت !! النحلة مهندس وبناء عظيم، فخلية النحل تنطبق عليه أرقى مواصفات الهندسة والبناء ، بني على شكل سباعي وفيه بيوت صغيرة مخصصة لكل نحلة ولكل وظيفة من وظائفهم . النحل حشرة نظيفة لا تأكل الا الطيب والعذب وتبتعد عن القاذورات والأوساخ فهي مخلوق عظيم برغم صغر حجمه إلا أنه أسس عالماً عجيباً خاصاً فيه بقدرة الله تعالى .
فقد سمى الله تعالى في كتابه الكريم سورة باسم هذا المخلوق الصغير " سورة النحل " وكان سيدنا علي بن ابي طالب يصف المؤمن " بالنحل " . النحل يقدم لنا نحن البشر العديد من الدروس الثمينة، لذلك حريّ بنا نحن كمسلمين أن لا نقلل من قيمة النحلة وأن نلتزم بقدر كاف من صفاتها الرائعة والعظيمة التي تنعكس على شخصيتنا كأفراد في هذا المجتمع الكبير .