الحقيقة أنّ ثمة ارتباط وثيق بين الفروق الفردية وعملية التفكير والذكاء. وهذا يعني إن العوامل التي تندرج تحت الفروق الفردية تترك أثراً كبيراً في طريقة التفكير وكذلك ذكاء الفرد،سأفرد هذا الفصل للتحدث عن هذه الظاهرة، ظاهرة الفروق الفردية والتفوق العقلي وخصائص المتفوقين عقلياً وكيف نكتشف الشخص المتفوق عقلياً:
أولاً: تعريف ومعنى ظاهرة الفروق الفردية(1):" تعني الاختلافات أو التباين بين الأفراد في القدرات والإمكانات وكذلك الاستعداد ودرجة التحمل ومستوى الإنجاز وغيرها. وهناك مجموعتان مسؤولتان عن عملية النمو الإنساني وهما:
1. مجموعة العوامل الوراثية وهي عوامل الفطرة.
2. مجموعة العوامل البيئية وتمثل عوامل الخبرة.
وهذا يعني أن هناك مجموعة تخلق مع الإنسان فلا يستطيع أحد اكتسابها ولكن يستطيع تنميتها وتطويرها. وهناك عوامل مكتسبة أصلاً أي أنها لا تخلق مع الإنسان وإنما يجدر به الانخراط في المجتمع كي يكتسبها ويطورها وأن يجيب عن التفسير السابق يوضح أن الاختلافات التي نلمحها بين الأطفال في المدرسة كقدرة طفل معين على التصور أو التعلم السريع أو الاستجابة السريعة أكثر من زملائه مردها إلى التعليلين السابقين ، إن من العوامل تعرف ما هو وراثي ومنها تعرف ما هو مكتسب وللتنشئة صلة وثيقة بذلك إذ إن التربية المنظمة تخلق فرداً بعقل منظم والتربية العشوائية تخلق فرداً بعقل عشوائي فوضوي.
• مدى الفروق الفردية: الأفراد يختلفون عن بعضهم البعض في الخصائص العقلية والاجتماعية والانفعالية وبالتالي تتعدد الشروط التي تبدو عليها الفروق الفردية ومنها:
1. تباين في الأداء لدى الأفراد على النشاط الواحد من وقت لآخر .
2. تباين في الأداء لدى الفرد الواحد من نشاط لآخر .
3. تباين في أداء الذكور على أداء الإناث في النشاط الواحد أي في الأداء من حيث الجنس.
الحقيقة إن للعوامل المكتسبة أثر أكبر من العوامل الفطرية في ظاهرة الفروق الفردية بين الأفراد وبعد القراءة والاستطلاع عن موضوع العوامل المؤثرة في مدى الفروق الفردية نستطيع التوصل إلى العوامل التالية(2) التي تتنوع بين فطرية ومكتسبة:
1.العمر الزمني: إن مدى الفروق الفردية ذو علاقة طردية مع الزيادة في العمر، وتتضح الزيادة مع تزايد السن وتصبح الفروق الفردية في كل من الخصائص الانفعالية والعقلية أكبر.
2.الممارسة والخبرة: تؤثر فترة الممارسة من حيث طول الفترة الزمنية أو قصرها وحجم الخبرة على مدى الفروق الفردية.
إذ ثمة ارتباط بين الممارسة والتعليم والخبرة فمع الممارسة والتعليم تزداد خبرة الإنسان ثباتاً وتحسناً في الأداء وجودة الإنتاجية في اى مجال من المجالات.
3. التدريب: وهو تكرار التمارين العقلية أو البدنية أكثر من مرة لتنمية السلوك.
4. النوع:يسود الاعتقاد بأن الذكور يفوقون الإناث في القدرات العقلية ويرجع السبب إلى تفقالإنتاج العقلي للرجال عنه لدى النساء. وفسر البعض هذا التفوق ومنهم "دوج وماكوني بعودته إلى الخصائص الوراثية" وهناك من يقول إن السبب هو الظروف البيئية إذ إن طبيعة بعض المجتمعات تتيح الفرصة للرجال للتفوق وإبراز قدراتهم أكثر من النساء.
5.أما جراندل : يرى أن كلاً من الذكور والإناث يقبلون على التحصيل لكن الهدف يختلف فمثلاً الذكور يقبلون عليه في سبيل تحقيق ذواتهم، أما الإناث فيقبلن عليه من أجل أن يحققن لذواتهن التقبل والانتماء الاجتماعي أكثر من اهتمامهن بالتحصيل نفسه.
وتشير أغلب الدراسات التي أجريت في مجال بيان أثر الفروق الفردية أن الفروق عند الذكور أوسع وأكبر منها عند الإناث ويترتب على هذه النتيجة ما يلي:
1. إن نسبة المتفوقين عقلياً بين الذكور أعلى من المتفوقات عقلياً بين الإناثوبنفس المدى العمري وكذلك نسبة المتخلفين عقلياً بين الذكور تتفوق على نسبة الإناث.
2. كما إن هناك خصائص معينة يتفوق فيها الذكورنسبياً على الإناث مثل القدرة العقلية والقدرة العددية والقدرة الرياضية والقدرة اليدوية، والعكس أيضاً فثمة خصائص يتفوق فيها الإناث على الذكور مثل القدرة اللغوية، الميل الأدبي، الميل للخدمة الاجتماعية. كما و يتصف الذكور بالميول إلى العدائية أكثر من الإناث وربما يرجع ذلك إلى الطبيعة الخلقية وتكوين الذكر الخلقي والبنائي المختلف عن الأنثى.
• وسنخصص الحديث الآن عن تأثير ونتائج كل من الوراثة والبيئة على ذكاء الفرد:
بعد استقراء الدراسات المتعلقة بتأثير ونتائج الوراثة والبيئة على ذكاء الفرد نستطيع الوصول إلى ما يلي(3):
أولاً: كلما كانت صلة القربى أوثق كان التشابه أكبر في الذكاء إذ يصل متوسط معامل الارتباط بين الآباء وأبنائهم الطبيعين إلى حوالي 50%.
ثانياً: على الرغم من وضوح التأثيرات الفعالة للوراثة في الذكاء كمحددات قوية إلا أن الدراسات أثبتت أن الأفراد الذين يعيشون معاً في نفس المحيط المنزلي تزداد احتمال تشابه نسب ذكائهم حتى ولو لم يكونوا أقرباء.
المصادر :
1. أ.د أديب محمد الخالدي – دار وائل للنشر والتوزيع ، عمان-الأردن، ط1 2003م ، ص19بتصرف.
2. أ.د أديب محمد الخالدي - مرجع سابق، ص23-27 بتصرف.
3. أ.د أديب محمد الخالدي-مرجع سابق ص35 بتصرف.