السّمنة
إنّ موضوع خسارة الوزن والتخسيس هو موضوع العصر، حيث إنّه يشغل بال الكثيرين، خاصة مع ارتفاع نسبة السّمنة والوزن الزّائد، وكي نتعرّف على طرق ووسائل خسارة الوزن، يجب أولاً أن نعلم تعرف على ما هى السّمنة.
تُعرف السّمنة بأنّها تراكم الدّهون في الجسم إلى درجة تتعدّى مستوى مُعيّن بحيث تتعارض مع الصحّة، وترفع السّمنة والوزن الزّائد خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المُزمنة، مثل السكّري، وارتفاع ضغط الدّم، وأمراض القلب والأوعية الدمويّة، ومرض انقطاع النَّفَس الانسداديّ النوميّ، والفصال العظاميّ (osteoarthritis)، وبعض أنواع السّرطان، وبعض أمراض المرارة، ومشاكل وعيوب في التّنفس، وارتفاع خطر الإصابة بمضاعفات الحمل والمضاعفات التي تحدث أثناء العمليات الجراحيّة، هذا بالإضافة إلى المشاكل وعيوب النفسيّة والعواقب الاجتماعيّة المُترتّبة على السّمنة وزيادة الوزن (1)، (2).
ويتم اتّباع العديد من الطّرق لعلاج و دواء السّمنة، منها الصحيّ ومنها غير الصحيّ، وسنتحدث في هذا المقال عن الطّرق المستخدمة لعلاج و دواء السّمنة ومدى أمانها ونجاحها، كما سنذكر أي الطّرق هي الاحسن وأفضل والأنجح.
الطّرق المتاحة لعلاج و دواء السّمنة
نظراً لأنّ خسارة الوزن والتخسيس تمثل حلم لدى الكثيرين، ولأنّ النّاس مُستعدّة لدفع المال مقابل أن تخسر الوزن الزّائد، ينجح مسوّقو الطّرق غير الصحيّة أو غير النّافعة في نشر طرق ووسائل خسارة الوزن والتخسيس التي يرغبون بها، خاصّةً إذا ما وعدت طرقهم بخسارة وزن سريعة، في حين أنّه في الواقع من بين عشرات الألوف من الطّرق التي تدّعي نجاحها في خسارة الوزن والتخسيس لا يوجد إلا القليل فقط من الطّرق النّاجحة نجاحاً حقيقيّاً، كما أن بعض طرق ووسائل خسارة الوزن والتخسيس التي يتمّ التّرويج لها يمكن ألّا تقتصر على كونها غير فعالة، ولكنّها أيضاً خطرة على صحّة الإنسان، وفيما يأتي نذكر بعض هذه الحلول التي يلجأ لها الكثيرون. (2)
طرق ووسائل خادعة لخسارة الوزن
من بعض الطّرق غير المُجدية المُتّبعة في خسارة الوزن والتخسيس نذكر ما يأتي:
حميات البدعة
تنتشر كثيراً حميات البدعة أو ما يسمى بالحميات المُبتدعة أو حميات الموضة، حيث تجذب هذه الحميات الكثير من الأشخاص إليها بما تعِده من خسارة وزن كبيرة، وهي في الغالب تضع أهدافاً مُبالغاً بها في خسارة الوزن، كما أنّها تنصح باتّباع حميات غير كافية تغذويّاً، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الكثير من الحِميات الخاطئة التي يتمّ التّرويج لها تكون خطرة على الصّحة، ويتراوح تأثيرها السّلبي من تأثيرات بسيطة مثل الصّداع والغثيان والدّوخة، إلى تأثيرات خطيرة قد تصل إلى الموت، ومن الطّرق التي يمكن أن تساعد في التّعرف على الحميات المُبتدعة والخدع التي تستغل حاجة النّاس لخسارة الوزن والتخسيس ما يأتي: (2)
- الوعد بخسارة وزن كبيرة في فترات قصيرة، في حين يجب أن تكون خسارة الوزن والتخسيس تدريجيّة ولا تتجاوز الكيلوجرام الواحد في الأسبوع.
- التّرويج لحميات غير متوازنة تغذويّاً أو منخفضة جدّاً بالسّعرات الحراريّة، حيث يجب ألّا تقلّ الحمية عن 1200 سعر حراري للسّيدات و 1500 سعر حراري للرّجال، كما يجب أن تعطي الحمية كميّة كافية من البروتين دون زيادة كبيرة، وكميّة كافية من الدّهن دون زيادة، كما يجب أن تتوفّر الفيتامينات والمعادن عن طريق التّنويع من كافّة المجموعات الغذائيّة، بالإضافة إلى احتوائها كميّة كافية من الماء.
- الاعتماد على المشروبات أو السّوائل بدلاً من الطّعام، في حين يجب أن توفّر الحمية طعاماً مناسباً لبيئة الشّخص وثقافته، وما يُفضلّه من الطّعام وما يناسبه ماديّاً.
- محاولة جعل المستهلك يعتمد على منتجات خاصّة، في حين يجب أن تُعلّم الحمية الصّحيحة مُتّبعينها طريقة اتّخاذ قرارات واختيارات تغذويّة جيّدة من الأطعمة المُتاحة لديهم.
- تفشل هذه الطّرق في تحفيز عمل تغيّرات واقعيّة دائمة في نمط الحياة، في حين يجب أن تُوفّر الحمية نظاماً لممارسة الرّياضة لحرق 300 سعر حراري يوميّاً على الأقل، بالإضافة إلى استراتيجيّات تعديل السّلوك لتصحيح العادات التغذويّة الخاطئة تعديلاً جذريّاً مدى الحياة.
- تقوم هذه البرامج بوضع مسؤول عن مبيعاتهم كخبير يُقدّم النّصائح للنّاس، ويعتبر هذا النّظام غير صحيح مهما بلغ مستوى تدريب هذا الشّخص، حيث يحصل تعارض واضح فيما يخصّ تقديم النّصائح التغذويّة الصّحيحة عندما يكون المرشد المُمثّل للحمية أو المنتجات مستفيداً بشكل مباشر من مبيعاتها.
- يمكن أن تطلب هذه البرامج مبلغاً كبيراً من المال في بداية اتّباعها لتلزم الشّخص بالاستمرار، أو أن تطلب عقداً بينها وبين المستهلك، في حين يجب أن تتبع الحِمية الصّحيحة نظام الدّفع الجزئيّ مع كل خطوة.
- تفشل هذه الحميات في توضيح مخاطر خسارة الوزن والتخسيس أو ما قد يترتب على اتّباعها، حيث يجب أن يتمّ تعريف ومعنى الشّخص منذ البداية بنسب التّخلي عن الحمية، والنّجاح بعيد المدى، والتّأثيرات السلبيّة المحتملة للحمية المُتبّعة.
- العمل على التّسويق لمنتجات لخسارة الوزن والتخسيس لم يثبت علميّاً أنّ لها دوراً فعّالاً في خسارة الوزن، مثل هرمون الجونادوتروبين المشيميّ، ومُدرّات البول، وموانع هضم النشويّات، وأحزمة السّاونا وغيرها ممّا يتمّ تغليف الجسم به، وممارسة الرّياضة السلبيّة، والعلاج و دواء بالإبر الصينيّة، والمُكمّلات الغذائيّة من الأحماض الأمينيّة وغيرها.
- فشل هذه الطرق ووسائل في الحفاظ على خسارة الوزن والتخسيس بعد انتهاء البرنامج.
الأدوية المتاحة دون طريقة طبية
يلجأ الكثيرون إلى تناول أدوية علاج و دواء السّمنة المتاحة دون طرق ووصفات طبيّة، في حين أن غالبية هذه الأدوية غير موافق عليها من مؤسسة الغذاء والدواء، كما أنّه يمكن أن تظهر لبعضها العديد من الأعراض الجانبيّة. (2)
المنتجات العشبيّة والمُكمّلات الغذائيّة
يلجأ الكثيرون إلى المنتجات الطبيعيّة أو المكملات الغذائيّة لخسارة الوزن، في حين أنّه يمكن أن تكون غير فعّالة أو غير آمنة، حيث إنّه إذا كانت المادّة هي عشبة طبيعية فذلك لا يعني أنّها آمنة، ويمكن أن ينتُج عنها العديد من الأعراض الجانبيّة التي يمكن أن تكون خطيرة. يشيع مثلاً استعمال الإيفيدرا في منتجات خسارة الوزن والتخسيس العشبيّة، إلا أنّ لها الكثير من المضار، كما يستعمل الكثير من النّاس الأعشاب المُليّنة (التي تُسبّب الإسهال) والتي يمكن أن تباع على شكل شاي للحمية، ويعتقد مستخدمو هذه المُليّنات أنّها تُقلّل من امتصاص الطّعام وبالتّالي تعمل على خسارة الوزن، في حين أن امتصاص الطّعام يحصل بشكل رئيسيّ في الجزء العلويّ من الأمعاء الدّقيقة، وهذه الأعشاب تؤثر على الجزء السُّفلي من الأمعاء الغليظة، وتشمل الأعراض الجانبية التي يمكن أن تُسبّبها هذه المنتجات الإسهال، والقيء، والغثيان، والتّقلصات، والإغماء أحيانا، وقد سبّبت هذه المنتجات الوفاة في بعض الحالات النّادرة لسيدات عمِلن على تخفيض كميّة تناول طعامهنّ بشكل مبالغ به. (2)
حيل أخرى
لا يساعد الحمام السّاخن (الجاكوزي) أو السّاونا أو غرف البخار على إذابة دهون الجسم كما يتم الادعاء، وإذا ما تم خسارة الوزن والتخسيس فهو بسبب خسارة الماء وجفاف الجسم وليس بسبب خسارة الدّهون، كما أن الكريمات والاسفنجات والمنتجات التي يتمّ وضعها على الجسم أو لفّ الجسم بها لا تُقلّل السّيلوليت، وذلك لأنّ السّيلوليت شيء لا وجود له. (2)
علاج و دواء السّمنة بالأدوية والعمليات الجراحيّة
يمكن استعمال الأدوية الموافق عليها أو العمليات الجراحية في علاج و دواء السّمنة، ولكن لا يتمّ اللجوء إلى هذه الخيارات إلا إذا كانت درجة السّمنة تبرّر ذلك، وكانت الفائدة من استعمال هذه الطّرق تفوق المخاطر أو الأعراض الجانبيّة والمضاعفات التي يمكن أن تنتج منهما، حيث إنّ التّخلص من السّمنة المُفرطة والمخاطر الصحيّة المرافقة لها يمكن أن يكون ضروريّاً لدرجة تُبرّر اللجوء إلى هذه الحلول. (2)
- علاج و دواء السّمنة بالأدوية:
اتجهت الأبحاث العلمية إلى الالبحث عن أدوية لعلاج و دواء السّمنة بمُبرّر أنّ السّمنة تعتبر مرضاً مزمناً ويجب أن يتمّ علاجها كباقي الأمراض المزمنة التي تعتبر الأدوية جزءً أساسيّاً في علاجها، ولكن ومع نجاح بعض الأدوية في خسارة الوزن، إلا أنّ استعمالها لفترات طويلة يُسبّب أضراراً صحيّة. تعتمد أدوية خسارة الوزن والتخسيس إمّا على مبدأ كبح الشهيّة، أو على مبدأ تخفيف قدرة الجسم على امتصاص الدّهون، مثل الأورليستات. (2)
- علاج و دواء السّمنة بالعمليات الجراحيّة:
يتمّ في هذه العمليات تصغير حجم المعدة ممّا يُقلّل من إفراز هرمون الجريلين المسؤول عن الشّعور بالجوع، وتكون هذه العمليات عادة فعّالة في خسارة الوزن، لكن يعتمد مدى فاعليتها ونجاحها على مدى الاتزام بتعليمات الطّبيب لما بعد العملية، وخاصّةً التّعليمات التي تخصّ الحمية، كما يعتمد مدى أمانها ومقدار الأعراض الجانبية النّاتجة عنها أيضاً على التزام المريض بتعليمات الطّبيب، ومن المضاعفات التي يمكن أن تحصل مباشرة بعد هذه العمليات الالتهابات، والغثيان، والقيء، والجفاف، كما يمكن أن تؤدّي إلى نقص في بعض الفيتامينات والمعادن وبعض المشاكل وعيوب النفسيّة كآثار بعيدة المدى.
يجب أن يبقى الشخص الذي يخضع لهذا النّوع من العمليّات تحت المتابعة الطبيّة مدى الحياة. يلجأ البعض أيضاً إلى عمليات شفط الدّهون، والتي تعتبر عمليات تجميليّة لا تعالج السمنة وزيادة الوزن في سببها بل تعالج شكلها الخارجيّ، ممّا قد يجعلها حلّاً مؤقتّاً إذا لم يتم إتباعها بعلاج و دواء لمُسبّبات السّمنة وتعديل الحمية ونمط الحياة، ومع أنّ عمليات شفط الدّهون تُعتبر آمنة بشكل عام إلا أنّها قد تسبّب مضاعفات خطيرة تنتهي بالوفاة (2). كما يوجد حلول بديلة عن الجراحة مثل البالون، ولكن تبقى هذه الحلول مؤقّتة ولا تغني عن الحمية وممارسة الرّياضة وتعديل نمط الحياة للحصول على نتائج بعيدة المدى (3).
احسن وأفضل طريقة لعلاج و دواء السّمنة
تعتبر أنجح واحسن وأفضل الطّرق لخسارة الوزن والتخسيس هي تلك التي تتبنّى التغيّرات البسيطة التدريجيّة، وخسارة الوزن والتخسيس المتوسّطة، ووضع الأهداف المنطقيّة، مع العمل على علاج و دواء السلوكيّات التغذويّة الخاطئة بشكل تدريجيّ (2)، ويجب أن تعتمد طريقة خسارة الوزن والتخسيس على تقييم كامل للوضع التغذويّ للفرد، وعمل حمية مناسبة له بحسب احتياجاته الشخصيّة (3)، ويجب أن تعطي الحمية سعرات حرارية منخفضة عمّا يحتاجه الشّخص للحفاظ على وزنه ولكن دون تقليلها بشكل مبالغ فيه، كما يجب أن تحتوي الحمية على كميّات كافية من جميع العناصر الغذائيّة، ولذلك يجب عدم انخفاض السّعرات الحراريّة أقلّ من 1200 سعر حراري، حيث إنّ ذلك يجعل من توفير كافة العناصر الغذائيّة في الحمية أمراً صعباً.
ويجب على الشّخص الذي يتبع حمية لخسارة الوزن والتخسيس أن يتناول حصصاً أقلّ في وجباته الغذائيّة مع زيادة عدد الوجبات، كما يجب التّركيز على الأغذية منخفضة السّعرات الحرارية، وتجنّب الأغذية عالية السّعرات مثل الأطعمة المقليّة، والأطعمة المضاف إليها السكّر. كما يجب على الشّخص الذي يسعى لخسارة وزنه أن يمارس التّمارين الرياضيّة، حتّى يرفع من مستوى الطّاقة (السّعرات الحرارية) التي يحرقها الجسم، كما أنّ الرّياضة تساهم في رفع حرق الجسم بطريقة غير مباشرة، وهي عن طريق تنشيطها لعمليات الأيض، وتعمل ممارسة الرّياضة المستمرّة على تحسين نسبة العضلات في الجسم، ويعمل النّسيج العضلي على دعم زيادة واستمرار حرق السّعرات الحرارية وخسارة الوزن. وتعمل الرّياضة أيضاً على تنظيم الشّهية، فبعكس ما يعتقد الكثيرون أنّ الرّياضة تزيد من الشّهية، إلا أنّها تؤدّي إلى تحرير مُركّبات الطّاقة ورفعها في الدّم، ممّا يُقلّل من الشّهية، وتعمل على تثبيط عمل الجهاز الهضميّ، ولذلك لا يشعر الشّخص بالجوع مباشرة بعد الرّياضة، ولكنّه يحتاج للرّاحة بعد الرّياضة قبل أن يشعر بالجوع.
ويتضمن علاج و دواء السّمنة الصّحيح تعديل وتغيير السّلوكيات الخاطئة، ويتم ذلك عن طريق تحديد هذه السّلوكيات، ووضع استراتيجيات لعلاجها، مع وضع خطط بديلة في علاج و دواء السّلوكيات في حال فشل الخيار الأول، كما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في استراتيجيات علاج و دواء السّلوك التغذويّ أن يتمّ وضع أهداف منطقيّة واقعيّة، وأن تكون التغيّرات تدريجيّة، وأن تراعى رغبة ودرجة استعداد الشّخص لها(2).
المراجع
(1) بتصرّف عن كتاب Mahan L. K. and Escott-Stump S./ Krause"s Nutrition and Diet Therapy/ 11th Edition/ Elsevier/ .The United States of America 2004/ pages 585-585
(2) بتصرّف عن كتاب Rolfes S. R., Pinna K. and Whitney E./ Understanding Normal and Clinical Nutrition/ 7th Edition/ Thomson Wadswoth/ The United States of America 2006/ pages 251-298.
(3) بالتّوثيق من نور حمدان/ أخصائيّة تغذية/ 31-1-2016.