فرض الله تعالى عدّة فروض على المسلمين، كل منها لها شكل معين، فالصلاة مثلاً هي من العبادات الجسدية التي تؤدّى بنوع معين من الحركات أما الصوم فهو عبادة صحية تقتضي أن يمتنع الإنسان عن تناول الأطعمة والمشروبات أما الحج فهو عبادة ينتقل فيها المسلم من مكانه إلى مكة المكرمة بحيث يجتمع مع باقي المسلمين الذين قصدوا بيت الله الحرام في العبادة لأداء الحج وأداؤه حركي أيضاً يحتاج لأن يطوف الإنسان المسلم الحاج حول الكعبة المشرفة وأيضاً أن يقف بجبل عرفة وأن يرمي الجمرات وغيرها العديد من مناسك الحج. وهناك أيضاً فريضة فرضها الله تعالى على المسلمين وهي فريضة الزكاة التي فرضها الله تعالى على كل مسلم قادر على أدائها، وهي فريضة مالية بحيث يدفع المسلم جزءاً يسيراً من أمواله إلى المحتاجين بحسب مصارف الزكاة المحددة شرعاً.
تحقق الزكاة مبدأ التكافل الاجتماعي وهي من العبادات أو الفروض التي لا يلقي لها كثير من الأغنياء بالاً ولا يكترثون بها بل يهتمون فقط للصلاة والحج والعمرة ولا يعلمون من الدين إلى قتل القاتل وقطع يد السارق وجلد الزاني وما إلى ذلك حيث يعتقدون أن الدين فقط محصور بهذه الأمور ولا يعلمون أن الدين جاء ليحل مشاكل وعيوب كبيرة وضخمة مثل الفقر لأن الفقر هو مصدر العديد من الجرائم والمشاكل وعيوب الانتهاكات التي تحصل في المجتمع، وأنه لا يجوز لهم أن يطالبوا بتغليظ العقوبات قبل أن تحل مشكلة الفقر في المجتمع، ولا يعلمون أيضاً أنهم يظلمون انفسهم وغيرهم ظلماً كبيراً، فمن المعلوم أن أموال الزكاة هي ليست حقاً للإنسان صاحب المال بل هي حق للآخرين ولله وليس للإنسان أن يأكلها أو يمتنع عن أدائها، بل يتوجب أن يبادر إلى دفعها لأنها ليس من أمواله كما قلنا، وإذا امتنع الإنسان عن أدائها فإنه يعرض نفسه للعقوبات الشديدة والخطيرة من الله تعالى.
مما سبق نرى أن الزكاة لها أثر كبير جداً في دعم المجتمع بالأموال المطلوبة للتنمية ولمعالجة الفقر وكانت فيما مضى أيام النظام الاقتصادي البسيط، كانت الزكاة هي المصدر الرئيس لأموال الدولة، فقد تعدت بذلك البعد الديني لتشمل البعد الاقتصادي وبعد إدارة الدولة وما إلى ذلك، هذه الأمور هي التي فرض الله تعالى الزكاة لأجلها وهي التي دفعت تؤسس لمبدأي التراحم والتكافل في المجتمع وهي التي تساعد بشكل كبير على حل المشاكل وعيوب التي تنخر في جسم المجتمع من فقر وبطالة وغيرها.