هناك من يفرّق من العلماء بين النّفس و الرّوح، و يكون ذلك التّفريق شاقّاً، و هو يدخل ضمن دائرة الإجتهاد، و لكن الأقرب للغة العربية و لظاهرالأحاديث النبويّة الشريفة و ظاهر نص القرآن الكريم أنّ النّفس هي روح الإنسان ذاتها التي تسكن جسده.
فالنّفس مخلوقة، حيث خلق تعالى كل نفس شاء لها أن تخلق حتى قيام السّاعة يوم خلق آدم عليه السّلام، و بثها للحياة في عالم الغيب أو العالم الأخروي، وكلّم الله جل و علا كل الأنفس يوم خلقها و دليل ذلك قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن ذلك غافلين)، حيث تبقى النفوس موجودة في العالم الأخروي حتى يحين بالنسبة لمقاييس الأرض أن يتكون الجنين الذي سيحمل هذه النفس فترسل النفس إليه و تنفخ الرّوح بإذن الله في جسد ذلك الجنين -و أدق الثابت في ذلك أنه عندما يصبح عمر الجنين 120 يوما- و بعدها تعيش تلك النّفس أو الروح في ذلك الجسد ما شاء الله تعالى لها أن تعيش، و النفس خلال وجودها داخل الجسد تتفاعل مع عالم المحسوسات من خلال الجسد، و لها أيضاً إتّصال بالعالم الأخروي عن طريق الإلهام عن طريق الملائكة، و كذلك يتّصل بها الشيطان عن طريق الوسوسة عن طريق ذلك العالم الغيبي الأخروي.
النفس خاضعة للإبتلاء الذي قدره الله على عباده، فالشيطان عن طريق الوسوسة يحاول إشغالها بإمتاع الجسد الذي تسكنه و الله سبحانه و تعالى يدعوها أن تطرد وساوس الشيطان و تتّبع منهجه و ذلك من شأنه إرغام الجسد على العبادات حتى تحصل النّفس على رضوان الله، و عند موت الإنسان تبقى النّفس في حياة برزخية حتى لحظة النّفخ الأولى في الصّور و التي تصعق كل تعرف ما هو حي في الكون، ثم تبعث الأنفس عند النّفخة الثانية في الصور، و لكن تبعث هذه المرة في العالم الأخروي و تسكن جسدا جديدا غير الجسد الذي كانت تسكنه في الدّنيا، و هنا الحساب للأنفس فالصالحة تدخل الجنة و تتمتع مع الجسد الجديد الذي تسكنه، و الفاسدة و العياذ بالله تدخل النار و تعذب هي و الجسد الجديد الذي تسكنه و كلما خرب ذلك الجسد من العذاب أعيد بناؤه ليستمروا في الشعور بالعذاب.
أمّا الأنفس الصّالحة جعلنا الله منهم اللهم آمين منعمة في الجنة و الأجساد التي تسكنها منعمة ، و يزيد الله سبحانه و تعالي تلك الأجساد بهاء و جمالاً في كل يوم و حتى أمد غير محدود، حتى تبقى النّفس فيها منعمة مسرورة راضية، فتأمّل!!!