و إنّ للصّدقة آداباً تجمّلها و تجعلها في أحسن صورةٍ ، منها النّية عند دفعها للفقراء و المساكين بأن تكون نيّة المسلم خالصةً لوجه الله ، فإنّما الأعمال بالنّيات و لكل امرئ ما نوى ، و قد بيّن الرّسول صلّى الله عليه و سلّم أنّ من بين أصناف النّاس الذين يظلّهم الله بظله يوم لا ظلّ إلا ظلّه رجلٌ تصدّق صدقةً فأخفاها حتّى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله ، فإخفاء الصّدقة هي أوجب في تقبّلها و آكد لأنّه لا يتخلّلها رياءٌ أو سمعةٌ ، و قد حذّر الرّسول عليه الصّلاة و السّلام من الشّرك الخفيّ في الأمّة الذي هو أخفى من دبيب النّمل و هو الرّياء حيث يقوم العبد مقاماً ليرى الآخرين حاله ، و إنّ من أحكام الصّدقة أن تخرج في مصارفها أو مظانّها حيث تعطى للمحتاج المفتقر إليها و كذلك أن يمنحها المسلم للمحتاج و هو مبتسمٌ الوجه راضٍ ، و أن يحرص على أن لا يبطلها بالمنّ على النّاس و الأذى فهي تمحي الأجر و الثّواب ، و إنّ احسن وأفضل الصّدقات عند الله التي يدفعها المسلم و هو يخشى الفقر فصدقة الفقير أو المحتاج خيرٌ من صدقة الغنيّ ، و كذلك يحرص المسلم على دفع الصّدقة للمقرّبين منه و أولي الأرحام فينال بذلك أجران أجر الصّدقة و أجر صلة الأرحام ، و قد بيّن الرّسول عليه الصّلاة و السّلام أنّ الميت ينقطع عمله إلاّ من ثلاث و من بينها صدقةٌ جاريةٌ يصل الميت ثوابها مادامت كذلك .