هناك أناس في مجتمعنا لا يثقون بأحد ، انا اعلم ان السبب يعود الى الاشخاص الذين تعاملو معهم لكن يجب ان نعلم ايضآ ان الناس ليسو مثل بعضهم فلذلك يجب ان نحسن الظن بالناس .
احسن الظن بالناس كأنهم كلهم خير ... واعتمد على نفسك كأنه لا خير في الناس... فإن حسن الظن بالله تعالى ركيزة مهمة من ركائز الإيمان، وأصل عظيم من أصول العقيدة الإسلاميةأصل من حققه واعتصم به نال السعادة في الدنيا وكان من أهل النجاة في الآخرة، ومن أخل به أو فقده كان من أهل شقاوة في الدنيا ومن أهل الخسارة في الآخرة، وإن حسن الظن بالله مبدأ كل خير يكسبه العبد كما أن سوء الظن بالله مبدأ كل شر يكتسبه، وهو أمر أوجبه الله تعالى علينا ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم :« لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله» (رواه مسلم)، أي وهو يصدق وعد الله تعالى لعباده المؤمنين بالعفو والمغفرة ويرجو أن يكون منهم .
1.ومن معنى حسن الظن بالله تعالى -ومن دلائل إيجابه أيضا- إثبات صفات الكمال التي لا نقص فيها لله عز وجل، كالعلم الذي يشمل جميع المعلومات ، القدرة على كل شيء، والإرادة المطلقة التي لا يعارضها شيء، والغنى المطلق بحيث لا يحتاج إلى غيره، إلى غير ذلك من صفات الجمال والجلال.
2.ومن معناه أيضا أن تُحمل أفعاله جل حلاله وأحكامه على المحامل الحسنة، وأن يُظن فيها الخير بكل حال، وأن لا يُطعن فيها بوجه من الوجوه ولا يُعترض عليها، وإن متعرف ما هو ظاهر علمه في الناس وجوب حسن الظن بالمسلمين، حيث إذا سمع أحدهم يقول قولا يحتمل الخير والشر، أو يفعل فعلا من هذا الجنس إلا وجدت أهل الخير والإيمان يقولون : لابد أن نحمله على الخير ، لأنه ينبغي حسن الظن بالمسلم ، والله تعالى يقول :( إن بعض الظن إثم ) (الحجرات 12) فإذا كان هذا مع المخلوق الناقص المذنب واجبا، ألا فلتعلموا أنه مع الخالق جل وعلا أوجب.
3.قد جعل المولى عز وجل سوء الظن به سبب ضلال المشركين فقال مخاطبا لهم :( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (فصلت:23)، المقصود ظنكم السيئ من أن الله تعالى لا يطّلع على أعمالكم هو الذي أهلككم ، وجعل سبحانه سوء الظن به من خصال المنافقين والمشركين فقال :( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (الفتح:6) وقال جل جلاله:( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ) (الأنعام:91) المعنى ما عظموه حق تعظيمه لما ظنوا أن الله تعالى يترك عباده سدى وهملا لا يهديهم إلى سبيله، ولا يقيم عليهم الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب. 4- وقد علّمنا ربنا سبحانه أن نرد كل خير إليه، وإذا حدث شر رددناه إلى ذنوبنا وتقصيرنا، فقال جل شأنه لنبيه صلى الله عليه وسلم :( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) (النساء:79) مع أنه قد قال قبلها :(كل من عند الله ) ، فإذا جاء الخير نسبناه إلى الله تعالى لأنه هو خالقه والمتفضل به على عباده والموفق لهم إليه، وإذا جاء الشر لم ننسبه إليه وإن كان هو خالقه، بل ينسب إلى العبد المتسبب فيه تعظيما لله تعالى وإجلالا له وإعمالا لحسن الظن به.
من آثار حسن الظن بالله تعالى
وبعد هذا نقول إن إسلام العبد لله لا يمكن أن يكون إسلاما صحيحا تاما من دون حسن الظن بالله تعالى، ويظهر ذلك في كون كثير من العبادات الواجبة متوقف على وجود هذا الأصل منها:
إخلاص الدعاء لله تعالى
فإنه متعرف ما هو معلوم أن " الدعاء عبادة " كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عبادة واجبة لقوله تعالى :( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) فسمى من أبى دعائه مستكبرا وتوعده بدخول النار، ولولا حسن ظن العبد بربه لما رفع يديه إليه، فهو حال دعائه يعتقد أن الله يسمعه وإن أسر، وعالم بحاله وإن خفي، وقادر على أن يجيبه ويفرج كربه وإن عجز عن ذلك الخلق جميعا، وقد جاء في الحديث :( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) (رواه الترمذي)، ومن معنى اليقين أن يعتقد بأن الله قد سمع الدعاء وأنه مجيب الدعاء، فإن حدث أن تأخرت الإجابة لم يستعجلها العبد لأن الرسول قد أخبرنا أنه"يستجاب لأحدنا ما لم يستعجل" (رواه مسلم)، ثم إن من لم يستعجلها وحقق ما هى اسباب الإجابة وشروطها ثم لم يستجب له، فهو يعلم أنه وقع في مانع من موانع الاستجابة، وعلى كل حال فهو يحقق هذه العبادة على الوجه الذي أمر به.
التوكل على الله تعالى
وكذلك من دون حسن الظن بالله تعالى لا يمكن للعبد أن يُحصِّل عبادة التوكل عليه، والله تعالى يقول:( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) (المائدة 23) فجعل التوكل شرطا في الإيمان، ولا يمكن لعبد أن يتوكل على من يسيء الظن به، والتوكل يقوم على ركنين أساسيين الثقة بالله والاعتماد عليه، والناس في معاملتهم الدنيوية لا يكلِّفون بقضاء حوائجهم والقيام على شؤونهم إلا على من عرفوهم بالثقة والأمانة والحرص، فالاعتماد عليهم كان فرع حسن الظن بهم ، فكذلك التوكل على الله لا يكون إلا فرعا عن إحسان الظن به، فلابد أن نعتقد أننا أودعنا قضايانا عند من لا يضيعها قال تعالى :( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق:3) أي فهو يكفيه ويغنيه عن غيره .
التوبة والإنابة إلى الله تعالى واجبة على المؤمنين جميعا قال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31)، ولا يتصور حصول التوبة من العبد المذنب الخطّاء وحسن الظن بالله تعالى غائب غير حاضر، فالعبد الذي يستولي عليه القنوط وييأس من رحمة الله ولا يرجو عفوه لا يمكنه أن يتوب بتاتا ، وإنما الذي ييسر له التوبة والإنابة إلى الله تعالى أن يتذكر قوله تعالى :( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) وأن الله يفرح بتوبة عباده ، وغير ذلك مما يجعله يطمئن ويدرك أن لا مفر من الله إلا إليه فيسارع بالفرار إليه .
الانقياد والإذعان لأحكام الله تعالى
ومن الأمور الناتجة عن حسن الظن بالله تعالى الاستسلام لأحكامه وشرائع دينه جملة وتفصيلا، وانعدام الاعتراض عليها وعدم الرضا بها من القلوب فضلا عن أن يظهر ذلك على الجوارح، لأن المسلم يعتقد أن الله أحل لعباده الطيبات التي تنفعهم وحرم عليهم الخبائث التي تضر بهم، ولم يأمرهم بشيء إلا وفيه تحقيق مصلحة لهم عاجلة في الدنيا أو آجلة في الأخرى، فالله تبارك وتعالى غني عنّا وعن عبادتنا له، يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الطويل الذي خرجه مسلم :( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنتعرف على ما هى أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يِلومن إلا نفسه).