ابو محمد الهمداني
يذخر تاريخ العلوم العربي بالعديد من العظماء في كل المجالات ، والذين قدموا إلى العالم العديد من الإضافات العلمية في شتى فروع العلم ، هناك من العلماء العرب من كان مبدعا في نطاقه العربي وهناك من تجاوزت علومه وشهرته الآفاق . و أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمذاني واحد من أعظم جغرافيي الجزيرة العربية في عصره العصر العباسي الثاني ، والذي كان على الرغم من الترهل السياسي وعدم استقرار أنظمة الحكم في الدولة العربية ، إلا انه كانت للعلوم مكانة متميزة استمرت منذ عهود الإنفتاح والتاليف ، وكان أبو محمد الهمداني شاعراً وعلى علم بالفلك والحكمة والفلسفة ودرس علم الكيمياء أيضاً . وكان مؤرخاً ورحالة وأديباً ونساب . كان يكنى بأبا محمد الهمداني نسبة إلى قبيله همدان في صنعاء مسقط رأسه .
إقرأ أيضا : كلمات وعبارات وهم محمد عبده
في أول رحلته العملية ، رحل الهمداني إلى مكة ، حيث اقتنى هناك الكثير من الكتب ، وكانت مكة ولا زالت ملتقى المسلمين من جميع جهات الأرض ، تعرف أبو محمد على كتب الشعر والأنساب ، وفي المعرفة أكثر من النقل عن بطليموس ، وتأثر كثيراً بالكتب المترجمة عن اليونانية ، والفارسية ، والهندية ، وكان هذا التأثر ما دفعه إلى الأخذ ببعض الآراء الواردة في هذه الكتب ، ودفعه كذلك إلى احترام أصحابها لعلمهم ، فعلى سبيل المثال نجده بعد ان يفرغ من إيراد قول ارسطاطاليس عن مبتدأ الحرارة في جوف الرض ، يعقب عليه بقوله :" قد أحسن الحكيم فيا فرع ، وإن كان قد بنى قوله في مبتدأ الحرارة على غير أصل ". وقد راسل أبو محمد العديد من علماء العراق وعاشرهم ، وقد قيل أنه سافر إلى العراق ، واجتمع بعدد من علمائها ، إلا ان هناك تشكيك في ذلك الأمر ، ولكن على العموم عاد الهمداني إلى موطنه في اليمن ، حيث تم سجنه هناك إلا ان بعض رجال القبائل تصدوا للأمر فأطلق سراحه وعاش بريدة إلى أن مات .
ومن أهم مؤلفات الهمداني كتاب ( الجوهرتين العتيقتين ) ، وهو مؤلف في الكيمياء كان غريباً عن السائد في عصره ، حيث لم يهتم الهمداني بتحويل النحاس إلى ذهب كما حاول اغلب كيميائي تلك الحقبة ، بل درس المعادن المعروفة ، وخواصها ، وطرق ووسائل تنقيتها ، واستخداماتها الطبية والصناعية ، واعتمد الهمداني في تأليفه للكتاب على المنهج التجريبي . وكتاب ( صفة جزيرة العرب ) ، الذي قدم فيه أدلة على أن الأرض كروية ، بلإضافة إلى كتاب الإكليل الذي يروي فيه أخبار العرب والأمم السابقة .